كتب - حسن عدوان:
أرست البحرين أسساً متينة ضمن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، على مستوى الحريات العامة والتعليم والملكية الفكرية وحقوق المؤلف، إذ صنفت البحرين من بين الدول ذات الأداء العالي في تحقيق أهداف التعليم للجميع، ووصلت نسبة القيد في التعليم الابتدائي إلى 100%، فيما اعتنت المملكة بقضية حقوق المؤلف منذ عام 1955 في عهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، واهتمت بتشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب.
وفي كل عام تدفع المطابع في البحرين أو خارجها العديد من الكتب والمؤلفات لنخب ومثقفين بحرينيين في الكثير من الموضوعات والقضايا، وفي اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والذي يصادف 23 أبريل من كل عام، دشنت هيئة شؤون الإعلام، أول أمس، المرحلة الأولى من مشروع الكتاب الإلكتروني والخاص بالكتب والإصدارات التي طبعتها ونشرتها الهيئة لتكون في متناول الجميع.
وفي ظل هذه الأجواء التي تدفع للاهتمام بالقراءة والتأليف أطلقت صحيفة "الوطن" العام الماضي جائزة البحرين للروائيين الشباب (24 ساعة)، والتي تسعى إلى تشجيع الشباب على الكتابة الأدبية الاحترافية عبر تحدي الكتابة خلال 24 ساعة، وقدمت هذه التجربة نجاحاً منقطع النظير، إذ برهنت على أن المثقفين البحرينيين الشباب لديهم قدرات على التأليف والكتابة في ظل تحدي الزمن.
ويضاف إلى حراك النشر والتأليف وأهداف التعليم للجميع ومجالات التشريع لحقوق المؤلف، مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، الذي دشنه جلالة الملك في 18 يناير عام 2005، وهو مشروع متطور يهدف إلى الاستفادة من التقنية الحديثة في التعليم، ولقد تم تعميم المشروع على جميع مدارس البحرين، ويشكل خطوة حاسمة في عملية التحول نحو التعليم الإلكتروني، وقد أمكن بفضل هذا التحول الاستفادة من مصادر المعرفة المتنوعة، مما يسمح لكل طالب بتوسيع مجال التعلم الذاتي وتطوير آفاق الاستفادة من الثورة المعلوماتية الضخمة التي يشهدها العالم.
وتنتشر مراكز مصادر المعرفة في كل محافظات البحرين، لتشكل جواً مهيئاً للطلاب والباحثين من أجل الاستفادة، والتي أكد دورها وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي "في تشجيع مرتاديها على القراءة والاطلاع على المعلومات في العديد من المجالات، لما له من انعكاس إيجابي يتمثل في بناء شخصية الطالب واتساع آفاقه المعرفية وزيادة كفاءته وقدراته".
التشريع لحقوق المؤلف بحرينياً
اهتمت البحرين مبكراً بالتشريع لحقوق المؤلف إذ صدرت في عام 1955 في عهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، اللائحة الخاصة بالامتيازات الصناعية والتصميمات والعلامات التجارية.
وصدر المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 1975 بشأن الإيداع القانوني للمصنفات، ثم القانون رقم (10) لسنة 1993 بشأن حقوق المؤلف.
وصدر عن العاهل البحريني المرسوم بقانون رقم (22) لسنة 2006 بشأن حماية حقوق المؤلف، لمتابعة تطورات التشريع في مجالات حقوق المؤلف وملء الفراغ الحاصل في الساحة القانونية في المملكة، وكذلك القانون رقم (15) لسنة 2006 بشأن تصنيع الأقراص البصرية وتداولها.
وتعد سنة 1994 نقلة نوعية في علاقة البحرين بقضية حقوق المؤلف، ففي هذه السنة وقعت البحرين اتفاقية مراكش، وهي الاتفاقية التي أنشأت منظمة التجارة العالمية.
ويؤكد الملحق (ج) -أحد ملاحق هذه الاتفاقية- التزام كل عضو بحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة والتي عرفت باتفاقيات "تربس Trips".
وصادقت البحرين على هذه الاتفاقيات بموجب المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1994، لتصبح المملكة ملزمة محلياً ودولياً باحترام المعايير الدولية في حماية الملكية الفكرية، التي تضمنتها اتفاقية باريس لسنة 1883 لحماية الملكية الصناعية، واتفاقية برن لسنة 1886 الخاصة بحماية الأعمال الأدبية والفنية وما تبعها من تعديلات.
وانضمت البحرين إلى كل هذه الاتفاقيات من خلال المرسوم بقانون رقم (30) لسنة 1996 "اتفاقية برن"، والمرسوم بقانون رقم (31) لسنة 1996 "اتفاقية باريس".
وامتدت التزامات البحرين لتوقيع جل الاتفاقيات ذات الصلة وبشكل متزامن منها اتفاقية ستوكهولم التي أنشئت بموجبها المنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو" والتي وقعتها البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم (1) لسنة 1995، والمرسوم بقانون رقم (30) لسنة 1996 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية، والقانون رقم (14) لسنة 2004 بالموافقة على انضمام البحرين إلى معاهدة "الويبو" بشأن حق المؤلف، والقانون رقم (15) لسنة 2004 بالموافقة على الانضمام لمعاهدة الويبو بشأن الأداء والتسجيل الصوتي، والقانون رقم (1) لسنة 2005 بالموافقة على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة.
ودفعت هذه الاتفاقيات البحرين على المستوى المحلي إلى تعديل تشريعاتها المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية في أكثر من قطاع، منها صدور قانون براءة الاختراع، ونماذج المنفعة، وقانون حماية المؤشرات الجغرافية، وقانون مكافحة المنافسة غير المشروعة، وقانون حماية الأقراص البصرية.
تعريفات المشرع البحريني لحقوق الملكية الفكرية
عرف القانون رقم (22) لسنة 2006 في فصله الأول المؤلف بأنه "الشخص الطبيعي الذي ابتكر المصنف"، أما المصنف فهو "كل إنتاج مبتكر في مجال الآداب، أو الفنون، أو العلوم".
وقسم القانون المصنفات إلى: المصنف السمعي البصري، وهو كل مصنف يتكون من سلسلة صور مترابطة فيما بينها، تعطي انطباعاً بالحركة سواء كانت مصحوبة بالصوت أم بدونه، والمصنف الجماعي، وهو الذي أسهم في ابتكاره أكثر من مؤلف، بمبادرة وتوجيه من شخص طبيعي، أو اعتباري يتكفل بنشره باسمه، وبحيث تندمج مساهمة كل منهم في تحقيق الهدف العام، الذي قصده هذا الشخص.
ومن أقسام المصنفات التي قسمها القانون المصنف المشترك، ويعرف بأنه المصنف الذي أسهم في ابتكاره أكثر من مؤلف، سواء أمكن فصل مساهمة كل منهم فيه أم لم يمكن، والذي لا يندرج ضمن المصنفات الجماعية.
ويعد المصنف مشتقاً، إذا استمد أصله من مصنف آخر، سابق الوجود أو من تعابير الفلكلور، التي تعتبر كل إنتاج مصدره المأثورات الشعبية الشفوية، أو الموسيقية أو الحركية أو الملموسة يتمثل في عناصر متميزة، تعكس التراث الشعبي التقليدي.
ويشمل التراث الشعبي التقليدي تعابير على الحكايات الشعبية والأمثال والألغاز والأشعار الشعبية، والأغاني الشعبية المصحوبة بموسيقى، الرقصات والعروض الشعبية، ومنتجات الفن الشعبي.
في تعريف الحقوق المجاورة، فإن القانون رقم (22) لسنة 2006 يعدها حقوق فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية، وهيئات الإذاعة، أما فنانو الأداء فهم الممثلون، والمغنون، والموسيقيون، والراقصون، وغيرهم من الأشخاص الذين يمثلون أو يغنون أو يلقون أو ينشدون أو يؤدون بأية طريقة، أي مما يلي:
أ. مصنفات محمية، أو غير محمية طبقاً لأحكام هذا القانون أو آلت إلى الملك العام، بانقضاء مدة حمايتها.
ب. تعابير الفلكلور.
ويحدد القانون في المادة (2) طبيعة المصنفات التي تتمتع بالحماية، وهي المصنفات الأدبية والفنية والعلمية بمجرد ابتكارها ودون حاجة لأي إجراء شكلي، وتشمل: الكتب والكتيبات والمقالات والنشرات وغيرها من المصنفات المكتوبة وبرامج الحاسوب سواء كانت بلغة المصدر أم بلغة الآلة، والمصنفات التي تلقى شفاهة كالمحاضرات والخطب والمواعظ، والمصنفات الأخرى التي لها طبيعة مماثلة، والمصنفات التمثيلية، كالتمثيليات الموسيقية والرقصات والتمثيل الصامت (البانتوميم) وغيرها من المصنفات التي تبتكر للأداء التمثيلي.
ويتعرض قانون حق المؤلف البحريني لبقية المصنفات مثل: المصنفات الموسيقية المصحوبة أو غير المصحوبة بكلمات، المصنفات السمعية البصرية، كالمصنفات السينمائية والتلفزيونية، مصنفات الرسم بالخطوط أو بالألوان والنحت والنقش والطباعة على الحجر أو الأقمشة أو الخشب أو المعادن وأي مصنفات مماثلة لأي من ذلك، ومصنفات الفنون التطبيقية، والمصنفات الفوتوغرافية وما يماثلها، الرسومات التوضيحية والخرائط الجغرافية والتصميمات والرسوم التخطيطية (الاسكتشات) والمصنفات الثلاثية الأبعاد المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافيا أو العمارة أو العلوم.
وينص المرسوم بقانون رقم (22) لسنة 2006، بشأن حقوق المؤلف، على أن يتمتع عنوان المصنف بالحماية المقررة للمصنف ذاتها إذا كان العنوان مبتكراً.
وتعرضت المادة (3) من القانون للمصنفات المشتقة بالحماية القانونية وهي تشمل بوجه خاص الترجمات والاقتباسات والتوزيعات الموسيقية والتحويرات.
وتستثني المادة (4) من القانون المصنفات التي لا تتمتع بالحماية القانونية، لعدم اعتبارها مصنفاً وهي: مجرد الأفكار، والأساليب، وطرق العمل، والمفاهيم الرياضية، والمبادئ والاكتشافات والبيانات والتشريعات والأحكام والقرارات القضائية وأحكام المحكمين والقرارات الصادرة من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي والاتفاقيات الدولية وسائر الوثائق الرسمية.
الحقوق الأدبية والمالية للمؤلف
اختص الفصل الثالث من القانون رقم (22) لسنة 2006 بشأن حقوق المؤلف، ببيان الحقوق الأدبية والمالية للمؤلف وخاصة في المادة (5)، إذ أقر بأن يتمتع المؤلف بحقوق أدبية أبدية، غير قابلة للتقادم أو التصرف فيها، وهي: الحق في تقرير نشر مصنفه لأول مرة، وفي تعيين طريقة هذا النشر وموعده، والحق في نسبة المصنف إليه، وبوجه خاص حقه في وضع اسمه على جميع نسخ المصنف -عندما يكون ذلك ممكناً- بالطريقة المألوفة، والحق في أن يبقى اسمه مجهولاً أو أن يستعمل اسماً مستعاراً.
وكذلك للمؤلف الحق في منع طرح مصنفه للتداول وفي سحبه من التداول برغم سبق تصرف المؤلف في حقوقه المالية، وذلك إذا طرأت أسباب جدية تسوغ المنع أو السحب، ويجب في هذه الحالة أن يستصدر من المحكمة المختصة حكماً بمنع طرح مصنفه للتداول، أو بسحبه منه.
ويتمتع المؤلف أو ورثته بالحقوق المالية الاستئثارية التالية:
أ. استنساخ مصنفه.
ب. ترجمة مصنفه إلى لغة أخرى، أو اقتباسه، أو توزيعه موسيقياً، أو تحويره إلى شكل آخر.
ج. توزيع أصل مصنفه للجمهور، أو نسخ منه من خلال البيع، أو أي تصرف آخر ناقل للملكية.
د. تأجير أصل مصنفه، أو نسخ منه مجسد في تسجيل صوتي.
واعتنت المادة (24) من القانون البحريني بحق المؤلف في مسألة الاستنساخ، واستغلال المؤلف من قبل الصحافة، حيث أقرت هذه المادة بأنه يجوز دون إذن المؤلف ودون أداء تعويض وبشرط ذكر المصدر واسم المؤلف إذا ورد في المصدر الاستنساخ من قبل الصحافة أو الإذاعة أو النقل للجمهور بالوسائل السلكية لأي مما يلي:
1. أجزاء من مقالات منشورة في الصحف أو الدوريات.
2. أجزاء من مصنفات مذاعة.