العين الأخبارية

حين يدق البطريرك الماروني بشارة الراعي، أبواب السياسة في لبنان، ويسمي الأشياء بأسمائها، فالأمر يعني أن هذا الصرح طفح به الكيل من أقطاب السلطة وفي مقدمتهم "حزب الله".

مواجهةٌ جديدة بين الراعي وحزب الله، لغّمها الصرح البطريركي هذه المرة بجملة لاءات تُعري تجاوزات أداة إيران، لاسيما سلاحها وتدخلها في المنطقة، في رسالة خلاصتها أن البلد لم يعد قادرا على تحمل هذا العبء الثقيل.

فمن تدخلات حزب الله في المنطقة، إلى سلاحه الذي اكتوى به اللبنانيون، مرورا بالمشهد السياسي الحاصل في بلاده، تعددت الجبهات التي انطلق منها الراعي في هجومه الجديد على الحزب، في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

السِلم والحرب

من هذه البوابة، فتح بطريرك لبنان نيرانه ضد حزب الله، متهما إياه بالسعي إلى إجبار البلاد على الدخول في حالة حرب.

ومتوجها إلى حزب الله، تساءل الراعي "لماذا أنت ضد الحياد؟ هل تريد أن تجبرني على الذهاب إلى الحرب وتكون صاحب القرار؟".

"هل تأخذ رأيي وموافقتي لتُدخل لبنان في الحرب، ولتتدخل أنت في حرب سوريا والعراق واليمن؟، هل تأخذ رأي الحكومة اللبنانية عندما تشن الحرب مع إسرائيل؟"، يكمل البطريرك حديثه.

وحتى يضع النقاط على الحروف في الجزئية الأخيرة، أكد الراعي أن "الدستور اللبناني ينص على أن إعلان الحرب والسلام يعود إلى الحكومة بثلثي الأصوات"، متسائلا هنا "لماذا في الحرب لا تسأل رأيي وفي موضوع الحياد تريدني أن أسال رأيك؟.

السلاح المنبوذ

وحول سلاح حزب الله، الذي لم يكن المرة الأولى ضمن بنك الأهداف في المواجهة بين الراعي وذراع إيران، قال البطريرك

في ظهوره الجديد: "نحن نعرف أشخاصا من حزب الله ويقولون لنا هذا السلاح ضدنا ولسنا قادرين على تحمل المزيد لأنهم أيضا يجوعون؟ .

وتأتي تصريحات الراعي في ظل استمرار الأزمة السياسية وتعثر تشكيل الحكومة، حيث طالب رجل الدين اللبناني ضمن مبادرة للحل بحياد لبنان وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة.

لماذا تزعج مبادرة الراعي حزب الله؟

ورغم تأييد مبادرة الراعي الواسع داخل الأوساط السياسية في لبنان، وإشارات دولية أولية إلى قبولها، إلا أن حزب الله سارع إلى مهاجمة البطريرك ومبادرته، واصفا الحياد الذي دعا له بأنه "خيانة".

ويرجع مراقبون في لبنان تملص حزب الله المبكر من المبادرة إلى خشية دائمة من إفلات مفاصل الأزمة والتحكم فيها، إذا تم تدويل الحل وفرضت القوى الدولية تسوية سياسية لا يحظى فيها الحزب بحضور يصرّ على ربطه بأجندة إيران في المنطقة.

فالمؤتمر الدولي الذي دعا له الراعي إذا ما عُقد، قد يبحث تطبيق القرارات الدولية المرتبطة بسلاح حزب الله الضامن الأول للعب طهران لدور إقليمي في لبنان.

وتراوح الأزمة السياسية في لبنان مكانها، وسط تعويل اللبنانيين على تسوية دولية، تفرضها إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، أو بمبادرة إقليمية عربية تقنع الفرقاء بالتوافق على حل وتشكيل حكومة تخرج البلاد من عنق زجاجة يزيد ضيقها وضع اقتصادي متردي وأمني مزعج.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومالية حادة نتيجة الهدر والفساد في مؤسسات الدولة طوال السنوات الماضية وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر الى أكثر من 50 بالمئة بينما لا يزال المسؤولون يتسابقون على الحصص لتشكيل الحكومة بعد مرور 5 أشهر على تكليف سعد الحريري لتأليفها.