بعد أيام قليلة يهل علينا هلال رمضان، ويقبل علينا هذا الضيف الكريم الذي يكرمنا بجوائزه الكثيرة. فمع بشائر هذا الشهر الكريم ونسائم الخير التي تهب علينا بروحانية الشهر وجماله وسعادة النفس في أجوائه. لسنا اليوم في موضع التذكير والتأكيد والنصح والإرشاد، فهي كلمات اعتدنا أن نكتبها مع إقبال الشهر في كل عام.. ولكن نحتاج بأن نعيش الشهر بمشاعرنا وأحاسيسنا بعيداً عن قلق الأيام وتوتر الحياة في أجواء كورونا. نحتاج أن تعانق مشاعرنا بروحانية هذا الشهر وتبتعد «30 يوماً» بعداً تاماً عن الروتين الحياتي الممل الذي تعودنا علينا، وعن كل العادات «السلبية» التي أضاعت من حياتنا العديد من الفرص.

هي فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى.. فرصة ضيفنا الكريم الذي لربما لا نعاود معانقته في قابل الأيام.. فالحياة إنما هي فرصة، إن لم نستثمرها في الخير ضاعت من أيدينا وانتهى بعدها كل شيء. فرغ نفسك من كل المشاغل وقرر أن تحول كل دقائقك الغالية في هذا الشهر الكريم إلى دقائق خير وإنجاز وتأثير، فتجدد نفسك وإيمانك وحياتك وصحتك. فإن قصرت في الصلاة فهي فرصة أن تحول صلاتك إلى «أحاسيس ومشاعر وقرب من الله» وتعيش الصلاة بسعادة وطمأنينة قلبية وليس مجرد أداء ركيعات خاطفة. وإن قصرت في الذكر فهي فرصة لتكثر من التسبيح والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أضعافاً مضاعفة. وإن قصرت في الدعاء فهي فرصة في ليال معدودة سيكرمك المولى فيها بليلة هي خير من ألف شهر، فأكثر فيها من الدعاء وألح بطلب الحاجات في سجودك، واستثمر ساعة السحر بسحور ودعاء تسكب فيه العبرات خوفاً من الله وطمعاً في رضاه وندماً على ما فات من التقصير. وإن قصرت في قراءة القرآن فهي فرصتك في 30 يوماً في شهر القرآن بأن تقرأ الآيات بأحاسيسك وتتفاعل مع معانيها وتترنم بأثرها على قلبك. وإن قصرت في أعمال الخير فباب رمضان مفتوح للتفنن في أنواع الصدقات والسعي في حاجة الآخرين.

إنك مقبل على «حياة جديدة» وأثر جديد فاعزم أن ترسم في صحيفة المسير صورة مشاعرك وأحاسيسك وتلونها كما تريد حتى تدخل مدرسة رمضان وتستقبل الضيف الكريم وأنت في أبهى صورة وتقدم أعمالك فوق طبق من الورود. عش هذه الأيام بالأحاسيس والتأمل والفرح والسعادة ولا تغفل عن لحظات ثمينات غاليات لا تتكرر طوال العام، وبخاصة في ساعات الليل الساكنة في مثل هذه الأجواء الجميلة في ليال تعتق فيها الرقاب وتتنزل فيها الرحمات، وتشد من سواعد الخير من أجل أن تستعد لليلة هي من أعطر ليالي العام تسأل الله الكريم أن يبلغك إياها وأنت في أحسن الحال، حتى تظفر بالهدايا والعطايا الربانية وما أجملها في تلك الليلة.

كم نحتاج إلى أن نعطي أنفسنا مساحات من الأمل «الشعوري».. مساحات دافئة تتناغم معها معاني الخير، وتعطر حياتنا بالسعادة والسكينة، ونذهب بعيداً هناك في أجواء ساكنة لا صخب فيها. نحتاج إلى أن نغير كل شيء فالفرصة قد لا تتكرر والأعمار قصيرة، وقد اشتد البلاء وطال مع أزمة «كورونا» وآن الأوان إلى أن نغير من أنفسنا ونظراتها للحياة حتى نستطيع أن نجابه الحياة بنفوس قوية «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». اللهم بلغنا شهر الخير ونحن في أحسن حال.

* ومضة أمل:

ها قد اشتد السباق.