لدينا إدارة لأزمة «كورونا» من أفضل الإدارات في العالم، لدينا فريق طبي أمضى السنة الأخيرة من حياته مواصلاً الليل بالنهار من أجل تخفيف الأزمة علينا، لدينا حزم اقتصادية خففت كثيراً من حدة الآثار لهذه الجائحة، لدينا قيود مخففة فلم نحظر ولم نغلق حتى اللحظة، لدينا التطعيم مجاني ومتاح للجميع بلا تمييز، ماذا ينقصنا؟

لا ينقصنا سوى أن تتحمل أنت مسؤوليتك فقط، وهي بسيطة جداً جداً، أن تلبس الكمامة عزيزي المواطن وتغسل يدك ولا تتجمع بأعداد كبيرة وتباعد بينك وبين من تجالسه، وتتطعم، هل هذا صعب؟ مستحيل؟ مكلف؟ أمور في غاية البساطة وانعدام التكلفة تماماً، لا تأخذ من وقتك أبداً ولا تمنعك أو تعيقك عن ممارسة حياتك الطبيعية، ومع ذلك يتقاعس العديد منا عن القيام بها حتى وصلنا إلى أرقام قياسية في الإصابات، لقد تجاوزنا الألف إصابة يومياً!! واقترب عدد الحالات الحرجة في العناية المركزة إلى ما يقارب المائة حالة!!

من يقول «تمللنا» فنقول له انظر إلى الطاقم الطبي والإداري والأمني، انظر لتعب هؤلاء فقد «هلكوا» من أجلك، غير معقول أن يبلغ استهتارك إلى هذا الحد؟ أنت تجاوزت حريتك و.. و.. بسبب أنك «متمملل» قد تقتل أحداً وأنت تقتل مللك هذا.

ليس المطلوب ألا تجتمع بالأسرة، أو لا تخرج لترفه عن نفسك، افعل ذلك كما يحلو لك، ولكن اتبع التعليمات البسيطة جداً فقط وستتمكن من الاستمتاع.

دورك مهم لتقليل حالات الإصابة، للعودة للحياة الطبيعية، لتخفيف العبء عن الصفوف الأولى، ولا تستهنْ بدورك وتعتقد أنك نفر واحد ولن يؤثر في المشهد، فجميع الإصابات بدأت باستهتار شخص واحد، جميع الإصابات الجماعية بدأت بشخص خرج وخالط دون كمام ولا تباعد ولا عقم يديه ومن ثم حضر الاجتماعات الأسرية، شخص واحد مثل هذا بإمكانه أن يصيب العشرات إن خالطوه في جلسة عائلية واحدة وبعضهم سيذهب للعناية المركزة ويمكن أن يتوفى أحدهم!

شخص لم يعتقد أنه سيضر أحداً إن لم يلبس هو الكمامة، يعتقد أن الضرر سيقع عليه هو فقط وهو من يتحمل مسؤولية نفسه، لا يمر على ذهن هذا الشخص أنه كورونا متنقلة، وأنه ناقل للموت للآخرين.

مثله مثل من يسوق السيارة وهو سكران والعياذ بالله ويتسبب بمقتل آخرين، خرج واستمتع ولم يفكر بغيره حين ركب السيارة وقادها وتسبب بموت أو إعاقة للآخرين وتسبب بيتم طفل أو بفقدان أم أو أب، شخص واحد اعتقد أن حريته لم تتعد على حرية الآخرين حين شرب، وهو كذلك لو لم يقد السيارة، وناقل العدوى حر في عدم لبس الكمامة لو لم يدخل على غيره من الناس ويخالطهم.

الذي يخرج دون كمامة، الذي يخالط دون تباعد، الذي لا يعقم يديه، الذي لا يريد أن يتطعم، إلى هذا الإنسان الذي يظن أنه رقم غير مؤثر، الذي يقول لنفسه «يات علي أنا؟» لو أن كل واحد فينا فكر بهذه الطريقة فأنت أمام عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من المستهترين المتسبيين لنا بهذه المعاناة، نعم أنت واحد منهم، أنت واحد من أسباب انتقال العدوى، أنت واحد من القتلة وتتحمل وزر زيادة الأعداد في العناية المركزة.