يبدو أن إيران تعرضت لضربة قاصمة إثر تعرض شبكة توزيع الكهرباء داخل منشأة نطنز النووية لخلل جراء هجوم سيبراني إسرائيلي، بحسب ما أعلنته طهران.

ومنشأة نطنز الواقعة وسط إيران بالقرب من مدينة تحمل نفس الاسم وتشتهر بكثرة مزارع نبات الزعفران، تعرف بكونها من أهم المنشآت النووية التي تعتمد عليها البلاد في تخصيب اليورانيوم ضمن برنامجها النووي.



هذه المنشأة النووية التي شهدت انقطاعا مفاجئا في التيار الكهربائي، فجر أمس الأحد، تضم 3 مبان مقامة تحت باطن الأرض على مساحة حوالي 100 ألف كم مربع، في حين ينشط بها ما لا يقل عن 16 ألف جهاز طرد مركزي بأنواع مختلفة بهدف تخصيب اليورانيوم منخفض التخصيب الذي يستخدم لتوليد الوقود بمحطات الطاقة النووية، وإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لتصنيع أسلحة نووية.

وتم بناء العديد من أجهزة الطرد المركزي في المنشأة من قبل شركة إيرانية محلية تعرف باسم "تسا" التي تعمل كمصمم ومصنع لأجيال مختلفة من تلك الأجهزة.

ويعود تاريخ تدشين هذه المنشأة التي تبعد 155 ميلا جنوب العاصمة طهران إلى مطلع الألفية الحالية وبالتحديد عام 2000، وبعد عامين فقط بدأت المراحل الأولى لتركيب أجهزة الطرد المركزي بها في عام 2002.

وتشير تقارير سابقة إلى أن جزءا من المنشأة مقام أسفل باطن الأرض على أعماق تصل لنحو 8 أمتار ويستمر في التوسع إلى عمق يزيد عن 30 مترا.

وتتكون المنشأة من ثلاثة مبانٍ تحت الأرض، اثنان منها مصممان لاستيعاب 50 ألف جهاز طرد مركزي وستة مبانٍ فوق الأرض، اثنان منها عبارة عن قاعات بطول 2500 متر تستخدم لتجميعات أجهزة الطرد المركزي بالغاز.

وتضم "نطنز" وحدة للتغذية تستخدم في عمليات تخصيب اليورانيوم، وقاعة أجهزة الطرد المركزي، ووحدة إنتاج وغرفة تحكم.

ونقلت طهران سرا عمليات البحث والتطوير والتجميع الخاصة بأجهزة الطرد المركزي للغاز إلى منشأة نطنز النووية عام 2002، لكن الأمر لم يبق طي الكتمان لفترة طويلة، حيث كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تمثله منظمة مجاهدي خلق في تقرير له النقاب عن الأنشطة السرية هناك في أغسطس/آب من نفس العام.

وبالتزامن مع زيارة للمتابعة قام بها المدير العام الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في فبراير/ شباط عام 2003، أعلنت طهران رسميا أنها تبني محطة إثراء الوقود ومحطة إمداد الطاقة في منشأة نطنز.

وحسب تقرير أرشيفي لإذاعة زمانة الناطقة بالفارسية وتتخذ من هولندا مقرا لها، يحمي هذا الجزء الجوفي من منشأة نطنز صفان من الجدران الخرسانية السميكة، وتم تشييد سقف خرساني ذو سمك يصل لحوالي 8 أمتار عام 2004.

وأطلق اسم "مركز أحمدي روشن النووي" كتسمية رسمية على منشأة نطنز الإيرانية بعد تعرض روشن الذي كان أحد مسؤوليها لعملية اغتيال عبر تفخيخ سيارته بقنبلة مغناطيسية في 11 يناير/ كانون الثاني عام 2012.

الجدير بالذكر أن أحمدي روشن، أحد الأسماء وثيقة الصلة بالبرنامج النووي الإيراني سابقا، ارتبط اسمه بسلسلة اغتيالات لمسؤولين نوويين بين أعوام 2009 إلى 2012.

ويشترك سلاحي الدفاع الجوي داخل الجيش الإيراني ومليشيا الحرس الثوري في حماية المجال الجوي لمنشأة نطنز خشية تعرضها لهجمات بطائرات حربية أو مسيرة.

في نفس الوقت، تتمركز وحدة عسكرية خاصة بالموقع ذاته لحماية الأجزاء الأرضية داخل المنشأة النووية التي تحتوي مبانيها على 3 طبقات واقية، وفق تقرير إذاعة زمانة.

بعد توقيع اتفاقية خطة العمل المشتركة الشاملة أو ما تعرف بالاتفاق النووي عام 2015، بين إيران ومجموعة 5+1، تم تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي النشطة داخل منشأة نطنز إلى حوالي 5 آلاف جهاز لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق قبل عامين أعلنت طهران أنها ستزيد أجهزة الطرد المركزي مرة أخرى.

ويؤكد تقرير "إذاعة زمانة" التي يديرها صحفيون معارضون، أن منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم تمتلك بروتوكولات أمنية عالية بالنظر إلى أهميتها في شبكة البرنامج النووي الإيراني.

وعلى الرغم من أن نظام برمجيات تلك المنشأة النووية ليس متصلا بشبكة الويب العالمية، إلا أن هجوما إلكترونيا غامضا في عام 2007، أدى لتعطيل أنظمتها وتسبب في توقف أجهزة الطرد المركزي بها قبل أن تعود للعمل مجددا.

وأمس الأحد، قالت طهران إن مشكلة في شبكة توزيع الطاقة الكهربائية بمنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم تسببت في حادث بالمنشأة بعد يوم من إشادة المسؤولين الإيرانيين بافتتاح أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع تم تشييده في أعقاب حريق نطنز، العام الماضي.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها "نطنز" لحادث فقد سبق وأعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في مايو/أيار الماضي، عن وقوع "حادث" داخل المنشأة.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كشفت مؤخرا أن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم من خلال مجموعة رابعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة (آي.آر-2إم) في نطنز.