.. تسمع أصوات الناس حينما يقترب وصوله «طويل العمر الشيخ خليفة وصل».

نعم، رحمك الله يا والد البحرينيين، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، فلأول مرة في حياتي وحياة كثيرين من أبناء هذا الوطن يهل علينا شهر رمضان المبارك وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله ليس بيننا.

نعم نتذكره، وسنظل نستذكره، مثلما نستذكر دائماً شقيقه الأكبر والدنا واسع القلب صاحب العظمة الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله، سنستذكرهما ومعهما شقيقهما الثالث صاحب السمو الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة رحمه الله، وسندعو لسليل المجد الوائلي ملكنا الغالي صاحب الجلالة حمد بن عيسى آل خليفة بطول العمر والصحة.

شهر رمضان منذ عقود طويلة كان شهراً يتجلى فيه الأمير خليفة بن سلمان رحمه الله بامتياز، وقبل حتى استقلال هذا الوطن، وعلى عادة شيوخ آل خليفة الكرام وحكام هذه البلد، كان خليفة بن سلمان على نهج جده ووالده، كان «متألقاً» كبدر ساطع في سماء رمضان البحرين، رجل تجد مجلسه عامراً مفتوحاً للجميع، تراه ليلاً كل يوم يزور مجالس البحرين، تسمع أصوات الناس حينما يقترب وصوله «طويل العمر الشيخ خليفة وصل»، فيبدأ الجميع استعدادهم للسلام عليه وهم يعلمون بأنه سيسأل عنهم وعن أهاليهم، وبعضهم يعلم بأن سموه لا ينسى الوجوه ولا الأنساب، بل هو قد يجعلك تعرف أهلك وامتدادهم أكثر من نفسك.

من يمكنه أن يقدم لنا رقماً يمثل زيارات الأمير خليفة بن سلمان رحمه الله لمجالس البحرين طوال سنوات حياته الحافلة؟! من يمكنه أن يلخص لنا المضامين التي احتضنتها هذه المجالس، وكم من توجيهات صدرت عنه، وكم من مناقشات ثرية كان هو مصدر إشعاع لها، وكم من أحاديث متنوعة أبرزت للناس خلاصة فكر هذا القائد الذي انشغل كل حياته وسنواتها في بناء هذا الوطن وفي إسناد شقيقه وعضيده وبعدها في إسناد ودعم ابن أخيه الغالي على قلبه جلالة الملك.

مجالس رمضان في أعوامنا الماضية، ولعلي أتحدث عن تجربتي الشخصية، كانت ترتبط بقوة بالأمير خليفة بن سلمان رحمه الله كرئيس للحكومة وصاحب القرار في حراكها وعملها، إذ كم من مجلس دعيت له بأمر سموه، كم من مناقشات وتساؤلات تمت مباشرة معه وهو يجيب علينا على الفور، بل كم من مقالات سألني عنها مباشرة وغيري من الكتاب، وكان جوابه عليها دائماً فعل يتحقق على أرض الواقع بعدها.

يعود لنا رمضان وفي قلوبنا فراغ كبير، موقع شاغر لا يمكن أن يُسد مكانه، يعود رمضان شخصيا ًلي وأنا أستذكر «البدر المفقود» الذي طالما كان يزينه، أستذكر والدنا وأسد الوطن والرجل العظيم الخالد بأفعاله، الخالد بإذن الله في جنات ربي، أستذكر ذكرياتنا مع الأمير خليفة بن سلمان طيب الله ثراه، وأدعو ببركته أن يديم الله لباس الصحة والعافية على ملكنا الغالي حفظه الله، وعلى ولي عهده ورئيس وزرائه حفظه الله وأن يمسح على قلبيهما لفراق رفيق دربهما.