^ اليوم وفي ظل كل هذه “العفيسة” التي نعيشها يسهل صنع البطولات، حيث يكفي أن تتهجم على شخصية سياسية أو دينية معروفة لتبرز بين الناس، ويشار إليك بالبنان، ويقال هذا هو البطل الشجاع الذي لا يعرف للخوف معنى، والذي لم يتردد في انتقاد هذه الشخصية أو تلك. جرب مرة أن تتناول بالنقد شخصية دينية بارزة، قل عنها شيئاً لا يقبل بها مؤيدوه ثم انظر رد الفعل الذي سيبرزك في جانب باعتبارك شجاعاً تستحق لقب البطل. بل إنك تتحول بالفعل إلى بطل في عيون كل من هو على غير وفاق مع تلك الشخصية الدينية، تلك البطولة تتعزز وتزداد معها تألقاً إن قام بعض مؤيدي رجل الدين ذاك بشتمك أو عبر عن ولائه له بطريقة غاضبة، حيث الوضع الطبيعي أن لا يقبل مؤيدو ذلك الرجل النقد الذي يوجه إليه. والنتيجة أنك بسبب كلمة واحدة ربما لم تكن تقصدها أو أن الجو العام دفعك إلى قولها تتحول إلى بطل ترفع على الأكتاف وينادى باسمك في كل المجالس، وتجد الفضائيات ذات التوجه المعين من خلالك مادتها وما يشبع حاجتها ويخرج “النعر” الذي في رأسها. اليوم في ظل هذا الذي نعيشه في بلادنا البحرين التي ظلت طويلاً بعيدة عن هكذا أحداث ويفسر بعض كبار السن دخولها في هذه الحالة بأنها أصيبت بعين ما صلت على النبي، في ظل هذه “العفيسة” ليس صعباً أبداً البروز وتحقيق البطولات الزائفة، كلمتان فالتتان من عقالهما تمسان شخصية سياسية أو دينية تنقل قائلهما إلى حيث مكان الأبطال. فبعد الكلمتين كلام يقال هنا وهناك يصور قائل الكلمتين تصويراً هو في الغالب لا يستحقه، ويتبع ذلك كلام في هذه الفضائية وكلام في تلك يصل به ذلك “البطل” إلى حيث لم يصله أبطال سابقون، فيتحول إلى نجم ساطع في فضاء الفضائيات، فإذا تعرض ذلك النجم إلى “هفة هوا” ولو بطريق الصدفة صنعت من ذلك روايات وحكايات وازداد لمعان ذلك النجم الذي هوى البطولة ويعرف أنه لن يأتي يوم قريب يقال عنه إنه “هوى”! لم يبرز “السوسة” (فضائية العالم الإيرانية) ويجعلها تبدو في عيون البعض بطلاً سوى أنها خصصت جل وقتها وكل طاقتها لانتقاد قادة البحرين وحكومة البحرين وسياسة البحرين، حتى وصلت إلى مرحلة تقول عن الصواب البين إنه خطأ، لا لشيء إلا لأنه صادر عن المسؤولين في البحرين. هذه “السوسة” و«السوسات” الأخرى التي تدور في فلكها صرن “أبطالاً” لمجرد “تجرؤها” وعدم ترددها في توجيه الشتائم والسباب للبحرين قيادة وحكومة. وهذا الأمر طبيعي، فهي لو لم تفعل ذلك لما وصلت إلى ما اعتبره البعض بطولة، وكذا الحال مع أولئك الذين تستضيفهم حيث صاروا يسلكون الطريق نفسه الذي يصنع “الأبطال والبطولات”. ليس في الأمر شطارة، ففي ظل هذه “العفيسة” بإمكاني بكلمتين أن أصبح بطلاً يتحدث عني العالم كله ويرفعني البعض على الأكتاف، بينما يتوعدني بعض آخر لا يقبل أن أذكر من ذكرت بسوء فأزداد لمعاناً. ماذا لو تعرضت لشخصية لها مكانتها بين ناسها مثل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، واعتبرته سبب خراب العالم، ألا أصير بطلاً؟ ماذا لو تعرضت لشخصية دينية في مستوى السيد الخامنئي.. ألا أصير بطلاً؟ الجواب بكل تأكيد.. بلى. ما يساعدني على الحصول على تلك الصفة والمكانة أمران؛ الأول أنني تجرأت وانتقدت هذه الشخصية، والثاني أن الذين يقبلون بها ويناصرونها قد تأخذهم الحمية فيتعرضون لي بشكل أو بآخر، فأحصل على فرصتين عظيمتين للوصول إلى لقب بطل. إنه أمر سهل في ظل هذه “العفيسة”!