يبدو أن النظام الإيراني يعيش حالة من الارتباك والانقسامات الداخلية بين صفوف أعضائه، وهي ليست جديدة، ولكنها بانت بوضوح أكثر الآن، خاصة بعد تفجير موقع «نطنز» النووي الإيراني مؤخراً، والذي حرك أصابع الاتهام المتبادلة بين التيارين الأكبر في إيران وهما المحافظون والإصلاحيون.

ولعل الصحف الإيرانية القريبة من الرئيس «الإصلاحي» روحاني، والأخرى التابعة لخامنئي المتشدد، أبرزت حجم الخلاف بين الطرفين في الوقت الراهن، وبشكل قد يتعدى توقعات المتابعين للشأن الإيراني، وتحديداً بعد تفجير «نطنز» النووي، حيث ترى الصحف التابعة للمحافظين أن حكومة روحاني تجاوزت خطوطاً حمراء رسمها خامنئي بشأن المفاوضات النووية، وأن روحاني كان يؤمل النفس في الحصول على امتيازات من الغرب بشأن هذا الملف، وهو ما لم يحدث، وأدى في نهاية المطاف إلى قصف موقع «نطنز»، كما أشارت إلى ذلك صحيفة «جوان» الناطقة باسم الحرس الثوري، فيما ترى الصحف المحسوبة على التيار الإصلاحي أن على إيران التراجع عن بعض تشددها في الملف النووي بهدف رفع العقوبات عنها وإعادة علاقات طبيعية بينها وبين بقية الدول وهو ما ذهبت إليه صحيفة «أرمان» المقربة من التيار الإصلاحي.

وبالرغم من التراشق وتبادل التهم بسبب قصف «نطنز»، إلا أن التيارين اعترفا أن إيران خسرت بقصف «نطنز» ورقة هامة من أوراق مفاوضات النظام في الملف النووي، وهذا بالتأكيد ما سيضعف النظام أكثر، لدرجة أن صحيفة مثل «كيهان» المحسوبة على التيار المتشدد قالت إن خامنئي وبسبب «الظروف الحالية» متجه لأن يقبل بالتفاوض مع حكومة متعجرفة مثل حكومة الولايات المتحدة، «بحسب وصف الصحيفة».

ويتضح لنا مما سبق، أن النظام الإيراني هش جداً وغير متماسك وعرضة للسقوط في أي وقت تشتد فيه الأزمات، بخلاف الوضع الطبيعي عند أي دولة وهو التماسك خلال الأزمات، إلاّ أن النظام الإيراني الذي تفرغ لتبادل التهم بين مسؤوليه، كما حدث بشأن قصف «نطنز»، الذي كشف ضعف النظام، مما قد يجعله يقبل شروطاً في المفاوضات النووية المقبلة كان متشدداً في رفضها سابقاً، ولعل تلك المفاوضات ستكشف لنا المزيد من ذلك الضعف الإيراني خاصة وأن إسرائيل دخلت بشكل أوضح في الصورة.