الحياة قصيرة مهما عاش فيها المعمر وتجاوز المائة عام تبقى الحياة الدنيا محطة من المحطات التي يمر عليها ثم يمضي إلى محطة أو محطات أخرى مليئة بالغيوب، ففي كل محطة يحمل الإنسان متاعه وعتاده من الأعمال علها تحمل له بشاير الخير والراحة الأبدية من المتاعب التي واجهها في الحياة الدنيا. نعم الحياة قصيرة جداً ولا تتحمل أن نحمل في صدورنا الهم والحقد والعتاب والمؤامرات وسوء الظن وجر المشاكل والعمر حيزه صغير لا يسع هذا الكم الهائل من السلبيات السالبة للراحة والهدوء والسعادة، فالله سبحانه وتعالى خلقنا في هذه الحياة لنسعد لا لنشقى أو نشقي من حولنا فالحياة جميلة من غير المنغصات التي تقصر من العمر وتجعل من الحياة كابوساً يقبع على الصدر يندم على كل شيء حوله حتى التمتع بنعم الله علينا.

مع جائحة كورونا (كوفيد19)، ازداد عدد الوفيات، وفي كل مرة نسمع عن فلان أو فلانه انتقلوا إلى رحمة الله يدخلنا الحزن على مغادرتهم السريعة من الحياة، ولكن يبقى أمر واحد هو أنهم غادرونا ولا زالت قلوبنا عطشى للقائهم ومجالستهم والاستماع لحديثهم حتى وإن كانت تحمل في طياتها العتب واللوم.

فارقتنا منذ أيام صديقة عزيزة كانت من ضمن فريق مرتادي الدراجات الهوائية النسائية، إنسانة رياضية محبة للحياة برغم أنها مصابة بالسرطان لكنها كانت تحاول قدر المستطاع أن تحب لحظاتها الباقية وتسعدها من خلال الرياضة والتواصل، رحلت تاركة عائلة وأصدقاء يقتبسون من حياتها الجميلة الهادئة وتحديها للمرض، فارقتنا ولازال في الخاطر الكثير لم يقَلْ لها بأنها رائعة وجميلة وأنها جزء جميل من ذكرياتنا المليئة بالحب، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.

أيضاً، الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث الثانية غادر قصره وأهله وبلاده والعالم تاركاً أناساً يحبونه من أهله وشعبه، ونستشعر بالوحدة التي ألمت بالملكة اليزابيث بعد زواج دام أكثر من سبعين عاماً مليئاً بالحب والتحديات وقد عاصرنا مشاكل العائلة الملكية في بريطانيا من طلاق الأميرة ديانا إلى انفصال الأمير هاري وزوجته ميغان عن العائلة وما خلفت مقابلتهما مع الإعلامية الأمريكية اوبرا وينفري من تعقيدات واتهامات أتعبت هذه العائلة العريقة منها الجد والجدة، ولا شك بأن رحيل الأمير فيليب رغم عمره الطويل إلا أنه لا يزال لم يستمتع بأشياء كثيرة بعد منها مجالسة أبنائه وأحفاده ومجالستهم له، وعلى النقيض هناك من يرحلون بعمر صغيرة تاركين في نفوس محبيهم فراغاً لا يستطيع أحد أن يمليه لذلك المحطة الأولى قصيرة، ومتعبة تلك النفوس التي تحارب فرحها وتبحث عن النكد والهم برغم أن إسعادها أولى من إشقائها.

* كلمة من القلب:

التسامح والعفو والصفح من سمات المؤمن وهي كالمنظفات تمسح الهم والعتاب والسلبيات، وما دمنا مغادرين وتاركين الحياة بكل ما بها فلنغادرها «خفاف» ولنسامح الجميع مهما ارتكبوا من جرم في حقنا تبقى الحياة جميلة بنفوس هادئة ومتسامحة.