قبل أيام قالت صحيفة «فاينانشال تايمز» نقلاً عمن وصفتهم بمسؤولين مطلعين إن بغداد شهدت في التاسع من أبريل الجاري «محادثات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين كبار» وأن أحد المسؤولين وصف الجولة الأولى من تلك المحادثات بـ»الإيجابية». الصحيفة ذكرت بعد ذلك أن مسؤولاً سعودياً كبيراً نفى إجراء أي محادثات بين بلاده وإيران، أما إيران فلم يصدر عنها تأكيد أو نفي. لكن في المجمل يبدو أن في الجو أخباراً مفادها أن تفاهماً بين البلدين يحدث ويمكن أن يوصل إلى اتفاق يقلل من التوتر الحاصل في المنطقة.

توصل النظام الإيراني إلى تفاهمات واتفاقات والتصالح مع أي دولة من دول المنطقة أمر وارد وممكن في كل حين خصوصاً وأن هذه الدول تنحاز إلى السلام دائماً وهي تدفع باستمرار في اتجاه استقرار المنطقة عدا أنها تعودت غض الطرف عن كل سوء يلحق بها من قبل الآخرين ومنهم إيران. غير الوارد وغير الممكن هو أن يحترم النظام الإيراني توقيعه ويلتزم بما يتم الاتفاق عليه.

الأربعون سنة الماضية من حكم الملالي لإيران أكدت أنه مثلما أن هذا النظام قادر على التوصل إلى التصالح مع جيرانه فإنه قادر أكثر على تخريب ما يتم التوصل إليه، فبتصريح غير مسؤول من واحد من مسؤوليه ينسف كل شيء ويعود الجميع إلى المربع الأول.

مشكلة دول المنطقة أنها تتعامل مع نظام يعتقد أنه سيد المنطقة وأن على الدول كلها أن تنقاد له وتنفذ ما يريد. هذا النظام لا يهمه استقرار المنطقة وإنما السيطرة عليها ليتمكن من تنفيذ أجندته التي تنطلق من مواد في دستور إيران تجعله يقرر بأن الآخرين كلهم تنطبق عليهم صفة «المستكبرين». كل متابع لسلوك النظام الإيراني لا يتردد عن القول بأن هذا النظام يمكنه التوصل إلى عقد اتفاقات مع الدول الأخرى في المنطقة لكنه سرعان ما يخرب كل شيء بتصريح غير مسؤول أو بتدخل سافر في الشؤون الداخلية لتلك الدول.