مع كل احترامنا وتقديرنا لكل الجهود التي تبذلها صناديق الزكاة والخمس، واحترامنا للجمعيات والصناديق الخيرية المرخصة لجمع التبرعات، وتقديرنا للجهود التي يبذلها العديد من هؤلاء وبعض منهم تطوعاً دون مقابل، إلا أن العمل المكتبي أصبح غالباً ينتظر أن تصل له الحالة وتطلب العون والمساعدة، وقد لا نلومهم لقلة عدد الموظفين واستحالة تغطية جميع مناطق البحرين.

لِمَ لا يستعين القائمون على صرف الزكاة والخمس على الفقراء بالفرق التطوعية، بالباحثين المتقصين عن تلك الحالات والذين يدخلون البيوت ويعرفون أحوال الناس أكثر من موظفي تلك الهيئات والصناديق، اتصلوا بهم واسألوهم، العديد من هؤلاء الباحثين يعمل مجتهداً بنفسه أو مع مجموعة من أصدقائه وأصبحوا ما شاء الله معروفين حتى بالاسم لنشاطهم الملحوظ، العديد منهم يجمع التبرعات للحالات التي يدخل بيتها ويعرف حوائجها ويسد دينها ويرمم بيتها أحياناً ويدفع متأخرات إيجاراتها ولا أحد يدري عنهم إنما يعملون لوجه الله، لِمَ لا تستعين الصناديق الكبيرة بهم كي تغطي العجز بالإمكانيات البشرية، كي يساعدوا من هم في المكاتب وينتظرون الحالة أن تصل لهم! هذه الفرق التطوعية ممكن أن تساعد تلك الصناديق في الوصول لتلك الحالات، لأن هذه الفرق معظمهم لا مكاتب لهم ويعملون ميدانياً.

وسعوا من دائرة أصدقائكم من طلبة ومن متطوعين ومن باحثين، قسموا خارطة البحرين واجعلوا لكم في كل محافظة ودائرة أصدقاء من الباحثين يصلون لتلك الأسر المتعففة لا لينقلوا لهم الصدقة أو الزكاة فقط، بل كي يخبروكم عنها، دربوهم، أعطوهم التراخيص المطلوبة كي تضبطوا حراكهم وفقاً للقانون والشرع والعرف أيضاً.

لِمَ لا نفكر خارج الصندوق أتدرون أين ممكن أن تجدوا العديد من «الغارمين» من الفقراء المتعففين الذين تنطبق عليهم شروط الزكاة مثلاً؟ ابحثوا في أصغر البرادات في الأحياء الشعبية عن الأسر التي عليها حسابات لم تدفعها لضيق ذات اليد، ستجدون العديد العديد منهم ومسجلاً دينهم في دفاتر لأصحاب البرادات، بعضهم عليه عشرات الدنانير وبعضهم عليه مئات.

بل أن أصحاب البرادات يستطيعون أن يخبروك من يستحق ومن لا يستحق لأنهم يرون تلك الأسر ويتعاطون معها يومياً وكثير منهم ينقل لهم حوائجهم للبيت لعدم قدرة تلك الأسر من الخروج، أصحاب البرادات سيدلونك على أحوجهم.

أتدرون كم ستبلغ فرحة تلك الأسر حين يخبرهم صاحب البرادة أن حسابهم قفل لأن فاعل خير سدد عنهم دينهم؟

وكذلك أتدرون أي فعل ممكن أن يحدث فارقاً سعيداً للتاجر الذي يمنح الزكاة مثلاً؟ إن يزكي بدين يطالب به فقيراً أو معدماً ويسقطه عنه.

دفع الإيجارات المتأخرة أحد تلك الأبواب أيضاً والعديد من الأسر ليست فقيرة فقط ومعدمة بل العديد منهم أنهكه المرض وعاجزة عن العمل والدفع ومهددة إما بالحبس أو بالطرد من المنزل لأنها عاجزة عن دفع الإيجار، ابحثوا عن هؤلاء، هناك ديون تثقل كاهل العديد من الأسر بسبب إيجارات مؤجلة ابحثوا عن هؤلاء وسددوا دينهم.

أخيراً لو دفع كل منا زكاته لما بقي معسر، ولا مدين، ولو اجتهد القائمون على توزيع الزكاة والخمس كذلك أكثر بالبحث والتقصي لأمكننا أن نصل لتلك الفئات، البحرين بخير صدقوني لا يجب أن يكون فيها «غارم» وهو معدم في ذات الوقت.