إلى حين نشر هذا المقال فأنا لا أضمن عدد المساجد التي ستقوم بإغلاقها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بسبب الاستهتار وانعدام الرقابة الذاتية وأيضاً مخالفة هذه المساجد للتعليمات والإجراءات الاحترازية الصادرة من الوزارة والفريق الوطني الطبي فيما يتعلق بفتح المساجد؟

وكل ما حاولنا التفاؤل بأننا نقترب من نهاية الجائحة وأن الحياة ستعود إلى مجراها الطبيعي. وإذ بأعداد الإصابات لا تتوانى في الزيادة من فيروس خفي يبطش بالجميع غير آبه لشيخ جليل أو طفل رضيع وبمساعدة المخالفين المستهترين، في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة الموقرة والفريق الوطني الطبي جهود جبارة في التصدي والحد من انتشار فيروس كورونا.

مجموعة من الأسئلة طرحتها ولم أجد لها إجابة: ما العبرة من الذهاب إلى المسجد وأنت مصاب أو تشك بأمرك أنه بك علامات من هذا الفيروس الخبيث أو مخالط لمصاب، فهل تعتبر مسلماً أكثر ممن قرر الصلاة في بيته؟!

ولو أن الضرر سيكون فردياً لكنّا غضضنا النظر.. ولكن!! فهل نظر أحدكم عدد الشركات التي أغلقت أبوابها؟ وكم موظفاً أصبح عاطلاً عن العمل؟ وكم أسرة فقدت عائلها؟ وكم شخصاً فارق من يحب أو من كان به يراعي ويهتم، وكم ممرضاً وطبيباً انحرموا جمعة أهلهم في فرح أو كرب!!

من أكثر القصص التي آلمت قلبي إصابة أم وأب وابنتهما باستثناء شابين كانا خارج البلاد، الأب للأسف لم ينفذ من هذا الفيروس الخبيث وتوفى، وعند عودة الابنين من السفر لم تتمكن الأم من ضم ولملمة جراح عائلتها جميعاً، فكانوا يواسون بعضهم من خلال المكالمات الهاتفية والمرئية وأكيد يوجد من القصص المماثلة أو الأقسى منها بكثير التي يفطر لها القلب حرقاً وألماً ودمعاً.

حقيقة، إن الحرب النفسية التي نتعرض لها بسبب استهتاركم يا مستهترون تفوق أي التزامات مادية. ارحمونا وارحموا البلاد من كل هذا العناء فهذا هو الظلم الحقيقي الذي نواجهه هذه الأيام.

من المهم أن نعظم شعائر الله في هذا الشهر الفضيل فما هي إلا أيام معدودات ولكن الله عز وجل حضنا على ألا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة ورسولنا الكريم أوجب علينا تطبيق مبدأ فقهي إنساني عظيم أن نمنع عن أنفسنا الضرر وعن الآخرين حتى وإن كلفنا هذا الأمر الصلاة وحدنا من دون جموع المصلين.