بداخل كل إنسان وازعان، وازع ديني ووازع طبيعي بالفطرة، يكره الطبع الذي لا يمت للبشرية بصلة أو المخلة للطبيعة الإنسانية التي خلق بها الإنسان، فالقتل على سبيل المثال طبيعة حيوانية، وهي مشمئزة ومنفرة ومتناقضة للإنسانية، إن انتهج أي فرد هذا السلوك الحيواني وتتبع خطاه، ولا شك فيه بأن الوازع الديني يعد مفتاحاً لبعض السلوكيات والأخلاقيات والانفعالات ومتى تموت مراقبة الله عز وجل تموت كل الفضائل والاستقامة، كما يعد تطبيق القوانين رادعاً أخلاقياً ومكملاً في تطبيق النظام الديني في إدارة النفس والمجتمع، ومجرم عبدالله السالم في دولة الكويت لم يردعه الدين أو القانون وإنما عمّق الفجوة بين شيطنته ودينه وطبق نظامه الحيواني في التهديد والقتل.

هذا المجرم بدأ بالملاحقة والخطف وانتهى بجريمة قتل في وضح النار راحت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر أم وزوجة وابنة كانت تعيش بسلام حتى ذلك اليوم المشؤوم، جريمة «عبدالله السالم» هزت الشعوب العربية تفاعلاً واستنكاراً لمجريات الأحداث التي سبقت الجريمة والتي كانت قاسية وبشعة ونحن في بدايات شهر رمضان المبارك.

قتلها بقلب بارد، ولكن بالتأكيد كان حينها شيطان يتراءى أمامه أمر واحد وهو الانتقام فقد خطط لقتلها دون تفكير إلى ما ستؤول إليه الجريمة، وماذا ستجر من تبعات فالعقل حينها كان صفراً والتفكير يزاحمه الانتقام والغضب والتخلص من الورطة التي أحاطته، فمعظم الجرائم ترتكب على أنها حل لمشكلة تجر صاحبها لمشاكل أكبر وأعمق لا يستطيع أن يلملم نفسه من جديد، فالعقاب لا محالة بالمرصاد ودولة القانون لابد أن تطبق النظام العقابي على كل من تسول له نفسه إزهاق أرواح الآخرين.

والسؤال هل ما جرى يستحق هذا العناء من تحرش وملاحقة وخطف وتصنت وقتل؟ هل سكت الغضب عن المجرم أم هناك غضب آخر لا يمكن إسكاته بين جدران السجن؟ فالندم والحسرة لا ينفعان فقد فات الأوان، لن ترجع الضحية لطفلتها وأسرتها ولن تسترد فرحتهم فقد أصبحت ناقصة باهتة من دون حسها، ولن يسترجع المجرم حياته كما كانت من قبل فالحرية لا يقدرها غير المحرومين منها والقابعين في السجون وهذا المجرم مجنون أن فرط بحريته وحياته لهفوة نسجت بيوتاً من الأماني تحطمت في لحظة وعندها ضاع الماضي والحاضر والمستقبل.

بأي ذنب قتلت، «فرح حمزة أكبر»؟، قتلت لأنها رفضت التحرش بالملاحقة رفضت التهديد والخطف، رفضت الضعف والخضوع فنزعت روحها لتسجل أمام الله وأمام المجتمعات والشعوب مظلمة تطالب الإنصاف والعدالة لتكون رادعاً لكل من يستهين بأرواح البشر، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته وألهم أهلها الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.