رغم اعتبار نظام طهران أن الثورة التي قامت سنة 1979 هي بحد ذاتها نصر مؤزر، إلا أن الواقع يقول إن البؤس قد استوطن بلاد فارس منذ ذلك التاريخ. فقد كانت إيران في موقع الدفاع عن نفسها طوال 40 عاماً، حيث انشغلت لعقد كامل بثورتها 1979-1980 ثم بحربها مع صدام 1980-1988، ثم تلبستها حمى المعارضة بشكل قاطع ووجود أي بصمة أمنية للولايات المتحدة في المنطقة، وفشلت فقد زاد عدد قواعد الوجود الغربي وليس الأمريكي فحسب، كما نجحت دول الخليج في حرمان طهران من لذة النصر في مواقع عدة:

- فتصدير الثورة تحول لتصدير خطابات الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، وزوال حكام الخليج ولم يمت أحد، ومازالت حكوماتنا باقية.

- في 2015، قال حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق «إيران تسيطر على 4 عواصم عربية» لكن ذلك كان شعاراً رغائبياً وليس حقيقة، فقد تحولت بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء مسارح قتل لمشاريع طهران وأتباعها، برفض داخلي شرس، وضربات أمريكية وإسرائيلية وعزلة دولية وعقوبات.

- تمت شيطنة مشروعهم النووي و«نغصنا» عليهم منذ 20 سنة، فحرمهم الجشع في النووي العسكري من الطموح المشروع في النووي السلمي.

- غصوا بلقمة الجزر العربية، وصارت جناية وسوابق مرفوعة في وجوههم كلما أرادوا التقرب المخاتل من دول الخليج.

لقد حرمنا طهران من لذة الاستمتاع بما اعتبروه مكاسب. لكن إيران حققت في الأشهر الستة الماضية ما يشبه الانقلاب في الموازين.

فهل مرد المكاسب هذه الأيام هو الصبر الاستراتيجي والتصلب رغم أن اقتصادها أقرب إلى الانهيار، وهل كسب الجولة مرده عدم الإقرار بفجوة تتزايد بين الأمريكان والإسرائيليين والخليجيين وهلسيستمر دعم الإدارة الديمقراطية للتقرب من طهران، بحجة التفرغ للتحدي الصيني؟

* بالعجمي الفصيح:

إيران تحقق مكاسب في غفلة خليجية، فقد سحبت واشنطن عنوة للمفاوضات ورفع العقوبات، وجعلتها تتبرأ من مهاجمة نطنز مع تل أبيب وهاجمت أمريكا في مطارات أربيل وبغداد، وهي تتقدم في مأرب، ومع إسرائيل حولت قصف الميليشيات إلى تبادل قصف سفن الحاويات ثم تبادل قصف المفاعلات.

* كاتب وأكاديمي كويتي