قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، إنه استعاد ثقة الأميركيين بالديمقراطية بعد 100 يوم من تنصيبه رئيساً، مؤكداً أن "الولايات المتحدة أصبحت مستعدة للإقلاع".

جاء ذلك خلال خطابه الأول أمام الكونغرس بمجلسيه، بمناسبة مرور أول 100 يوم في المنصب، وتطرق فيه إلى تفاصيل حزم إنفاقية جديدة لدعم العائلات، تتضمن رعاية الأطفال والتعليم وإجازات مدفوعة الأجر، وتمديد بعض المهل الضريبية، والتي ستُموّل إلى حد كبير من خلال زيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء الأميركيين.

وأضاف بايدن: "الآن وبعد 100 يوم فقط، يمكنني أن أقول للأمة: أميركا تمضي قدماً مجدداً، محوّلة الخطر إلى إمكانية، والأزمة إلى فرصة، والانتكاسة إلى قوة. نحن نعمل مرة جديدة، نحلم مرة جديدة، نكتشف مرة جديدة، نقود العالم مرة جديدة".



وتابع: "أظهرنا لبعضنا البعض وللعالم أنه لا يوجد استسلام في أميركا". وشدد على أن هذا الجهد الوطني يجب أن يركز الآن على إعادة بناء الاقتصاد، ومحاربة عدم المساواة من خلال "أكبر خطة عمل منذ الحرب العالمية الثانية".

وأضاف: "بعدما ورثت إدارتي أسوأ جائحة منذ قرن، وأسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير، وأسوأ هجوم على ديمقراطيتنا منذ الحرب الأهلية، استطعنا تمرير أكبر حزمة اقتصادية في تاريخنا، ونرى الآن نتائج ذلك".

ودعا بايدن الكونغرس إلى زيادة المساهمات الضريبية بالنسبة إلى الشركات والأميركيين الأكثر ثراء، وذلك من أجل تمويل خطته لمساعدة العائلات، مضيفاً: "سأفرض ضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى، ولن أضيف عبئاً على الطبقة الوسطى، حان الوقت للشركات الأميركية وأغنى 1% من الأميركيين لدفع نصيبهم العادل".

أكبر خطة توظيف

وعن خطة الوظائف الأميركية، قال بايدن إنها لبناء الولايات المتحدة مجدداً، وتابع: "يقدر الخبراء أن الخطة ستضيف ملايين الوظائف وتريليونات الدولارات في النمو الاقتصادي لسنوات مقبلة وهي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. نحو 90% من الوظائف التي تضمنها الخطة لا تتطلب شهادة جامعية، و75% منها لا يتطلب درجة جامعية".

وأضاف الرئيس الأميركي أن "خطة الوظائف تعترف بشيء لطالما قلته وهو أن وول ستريت لم تبنِ هذا البلد. لقد بنته الطبقة الوسطى والنقابات".

وتابع: "وفرت أكثر من 1.3 مليون وظيفة جديدة في أول 100 يوم لرئاستي، عدد الوظائف الجديدة هذا هو الأعلى في أول 100 يوم لأي رئيس في تاريخ الولايات المتحدة".

معركة كورونا

وأشاد بايدن بإدارة أزمة كورونا، باعتبارها واحدة من "أعظم الإنجازات اللوجستية"، وأضاف: "لا يزال هناك عمل يجب القيام به للقضاء على فيروس كورونا، لقد أظهرنا أننا قادرون على النهوض رغم الأزمات والصعوبات، فنسبة وفيات كورونا انخفضت إلى 70% خلال 100 يوم، كما قدمنا أكثر من 200 مليون جرعة لقاح. وتلقى أكثر من نصف البالغين جرعة واحدة على الأقلّ".

الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية

وأكد الرئيس الأميركي عدم "السعي إلى نزاع مع الصين"، ولكنه عبّر في الوقت نفسه عن "الاستعداد للدفاع عن المصالح الأميركية في المجالات كافة".

وقال بايدن: "خلال مناقشاتي مع الرئيس شي (جين بينغ) أخبرته أننا نؤيّد المنافسة"، ولكن في المقابل "سنحارب الممارسات التجارية غير العادلة"، و"سنحافظ على وجود عسكري قوي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، و"لن نتخلى عن التزاماتنا بالدفاع عن حقوق الإنسان".

وأضاف أنه سيعمل عن كثب مع حلفاء الولايات المتحدة لمواجهة التهديدات التي تشكلها برامج إيران وكوريا الشمالية النووية "من خلال الدبلوماسية والردع الصارم".

كما تطرق بايدن إلى العلاقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال إنه أبلغه بعدم نيته التصعيد ضد بلاده، ولكن هناك عواقب لأفعال موسكو، مضيفاً: "إدارتي ردت على التدخل الروسي في انتخاباتنا والهجمات السيبرانية على مؤسساتنا، وفرضنا عقوبات".

"عودة الديمقراطية"

واختتم بايدن كلمته قائلاً: "ما زالت الصور المروعة لاقتحام الكونغرس وتدنيس ديمقراطيتنا راسخة في ذاكرتنا. علينا أن نثبت أن الديمقراطية ما زالت تعمل. لقد تمكنا في أول 100 يوم معاً من استعادة ثقة الناس. لقد عادت الولايات المتحدة إلى المسار الصحيح".

وأضاف: "عنف السلاح أصبح بمثابة وباء في الولايات المتحدة، وأصبحنا نواجه إرهاب الجماعات التي تؤمن بتفوق العرق الأبيض"، مطالباً بوضع ضوابط على تداول الأسلحة في البلاد.

إصلاح شامل للشرطة

ودعا جو بايدن مجلس الشيوخ إلى تمرير مشروع قانون رئيسي من أجل إصلاح الشرطة يحمل اسم الأميركي جورج فلويد.

وناشد الرئيس الديمقراطي الكونغرس التصويت نهائياً على هذا النص الذي تم تبنيه في مجلس النواب. وقال: "أعرف أن للجمهوريين أفكارهم الخاصة. علينا أن نعمل معاً للتوصل إلى إجماع، فلْننتهِ من ذلك الشهر المقبل، في الذكرى السنوية الأولى لوفاة جورج فلويد"، في 25 مايو 2020 اختناقاً تحت ركبة شرطي.

وكانت قوات الأمن في الكابيتول فرضت في وقت سابق، الأربعاء، حالة التأهب القصوى، في مناسبة تم توصيفها رسمياً بأنها "حدث أمني وطني خاص"، حيث لا تزال ذكريات الهجوم الذي شنّه أنصار سلفه دونالد ترمب في يناير الماضي تخيّم على المبنى.

سابقة تاريخية

ووقف بايدن في قلب الكونغرس على منصة المجلس، وتجلس وراءه في مشهد استثنائي، للمرة الأولى في التاريخ الأميركي، امرأتان في المقعدين المخصصين لرئيس مجلس النواب ونائب الرئيس، وهما نانسي بيلوسي وكامالا هاريس.

وألقى بايدن خطابه أمام حجم قليل من الحضور داخل مبنى الكابيتول، مقارنة بالمئات من أعضاء الكونغرس وقضاة المحكمة العليا وكبار المسؤولين الحكوميين والضيوف الذين يحضرون عادة، إذ إن الهدف من تضييق دائرة الحضور، هو تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.

وفي سابقة تاريخية، غاب كل أعضاء حكومة بايدن عن حضور الخطاب شخصياً، ولم يتم تعيين ما يعرف بـ"الناجي المعين"، وهو وزير في الحكومة يقبع في غرفة سرية آمنة لتسلم زمام السلطة في حال وقوع أي حادث.