في عالم تدنت فيه الأخلاقيات إلى أسفل درك، تجد كثيراً من الناس حولك تبني علاقاتها وفق شروط وغايات، أولها المصلحة وآخرها المصلحة أيضاً، بغض النظر أياً كان شكلها أو مستواها، وهذا ما يقود الناس أحيانا لمعايشة حالات من الصدمة والذهول، وخاصة من دخل أطواراً عميقة في علاقات ظنها ذات تكافؤ في مستوى النزاهة والصدق والإخلاص.

نعم، كثير من البشر يُصدمون بسبب تكشف «هشاشة» العلاقات بمن حولهم، بعضهم يظنها صادقة إلى درجة لا تُكسر، فينتهي به المطاف إلى عيش معاناة ذهنية تجعله يفكر بشأن حقيقة كثير من البشر، ولماذا هكذا سلوكات تصدر عن أشخاص بنينا علاقتنا معهم على أساس الثقة والمحبة وتمني الخير لهم.

هذا حال الدنيا؛ ففيها السائر بنوايا صادقة دون استيعاب أن وسط الحدائق مستنقعات، وتحت الزهور وحل وطين، وأن النفس إمارة بالسوء، وأن العرب حين قالت إن «الخل الوفي» من المستحيلات، فإن الصدمة كبيرة والوجع أكبر، فما أشد إيلاماً من الصدمة في شخص ظننته يوماً أقرب من أخ.

عموماً هذه الأمور كلها تؤثر على حياة الإنسان، وتحرف مساراته إلى اتجاهات مزعجة ذهنياً ونفسياً، وتحصره في زاوية من الضيق، في حين أن لهذه الحالات علاجات سهلة وبسيطة تجعل الإنسان يمضي في الحياة سعيداً دون أن يرهق ذهنه وباله أو يسمح بالماضي أن يمسك بتلابيبه.

لو أدركتم أن جميع الأمور صغائر، وأن كثيراً من صراعات البشر مبعثها توافه، وأن تتبع شؤون وأمور البشر مرض، والتدقيق في كل الدقائق هوس، وأن ترك كل ذلك هو ما يحقق للنفس صفاءها وللأذهان نقاءها لما همكم أفعال فلان ولا أقوال علان ولا تصرفات ذاك الإنسان.

من المقولات الجميلة في شأن السعادة، وفي شأن البحث عن الرضا الداخلي لدى الإنسان مقولة هذا نصها: «إن أردت أن تسعد، فلا تقف عند كل محطة، لا تجعل من كل موقف معركة، لا تدقق على من حولك، لا تفتح ما أُقفل، لا تداهم النوايا، لا تحرص على معرفة كل التفاصيل، خذ من الناس ما ظهر لك منهم من خير، لا تبحث عن عيب، دع الخلق للخالق ودع الحياة تسير».