التعاطف مع المرابطين والمعتكفين في المسجد الأقصى وأهل القدس كالذي حصل أخيراً أمر طبيعي ومطلوب، وكذلك الإعلان عن «الوقوف إلى جانبهم ومؤازرتهم»، لكن كل هذا لا يؤدي إلى إحلال السلام في هذ المدينة المقدسة ولا إلى حل القضية الفلسطينية، فالطريق إلى ذلك لا يكون إلا بالعمل على تهدئة الأوضاع هناك وليس «شعللتها» كما صار البعض الذي لا حول له ولا قوة ينادي من بعيد.

أن تطلق المقاومة الفلسطينية صواريخها على إسرائيل أمر يفرح الكثيرين لكنه لا يحقق الغاية المطلوبة، وبدلاً من ذلك يتسبب في أذى الفلسطينيين. يكفي مثالاً على هذا الحصيلة الأولية التي تم إعلانها صباح الثلاثاء حيث فقد 22 فلسطينياً أغلبهم من الشباب والأطفال حياتهم وجرح في غزة أكثر من مائة شخص. الحقيقة التي ينبغي عدم التغافل عنها هي أن الطرف الآخر من القوة بحيث يستطيع أن يفعل أكثر من هذا في ساعات قليلة.

المقارنة بين قوة إسرائيل وقوة المقاومة الفلسطينية ليست في صالح الفلسطينيين، هذه حقيقة، والحقيقة الأخرى هي أن صواريخ المقاومة لا يمكن أن تفضي إلى الانتصار عدا أنها غير فاعلة، بدليل أنها لم تحدث إلا أثراً محدوداً.

القدس ليست في حاجة إلى العناوين فارغة القيمة التي مثالها ما يسمى بـ«فيلق القدس» الإيراني الذي لا يزال كل العالم يتساءل عن حقيقته وعن الذي منع ملالي النظام الإيراني من السماح له بالتحرك وهو يرى كل ذلك الذي حدث لأهل القدس والفلسطينيين.

انسحاب الجنود الإسرائيليين من المسجد الأقصى مفرح ولكنه ليس انتصاراً لأنهم يمكن أن يعودوا بقرار يصلهم عبر الهاتف، وتوقف إسرائيل عن القصف ليس انتصاراً لأنها يمكن أن تفعل ذلك في أي وقت لو أرادت.

هذا الكلام مؤلم جداً لكنه حقيقة، والتعامل مع الحقيقة على غير هذا الأساس لا يفضي إلى النصر ولا إلى خلاص القدس وفلسطين.