قال د. الشيخ خالد ين خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي بأن تاريخ البحرين والإمارات يحظى باهتمام كبير من قبل قياداتنا الحكيمة منذ عقود، ليكون ذلك امتدادا لحرصهم على كل ما يدفع بمسيرة الثقافة ونشر الوعي بالتاريخ والهوية والموروثات الأصيلة والحفاظ عليها، وإيماناً منهم بالقيمة الثقافية الريادية التي تتمتع بها مجتمعينا منذ القدم.
جاء ذلك خلال كلمته الترحيبية التي ألقاها بالنيابة عن راعي الحفل سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس مجلس الأمناء، لدى افتتاحه محاضرة "الأرشيف الوطني.. ذاكرة الوطن" للدكتور عبدالله الريس مدير عام الأرشيف الوطني بوزارة شئون الرئاسة بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى أن تأسيس مركز الوثائق التاريخية في عام 1978، جاء بتوجـيهات سامـية من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى عندما كان وليا للعهد، والذي أمر جلالته في عام 2008 بإلحاقه بمركز عيسى الثقافي كإحدى فضاءاته الثقافية، انطلاقاً من حرص جلالته واهتمامه بتاريخ البحرين و حضارتها العريقة، ليحمل المركز على عاتقه مهمة كتابة وتوثيق تاريخ البحرين والعناية بالتراث الحضاري العربي و الإسلامي والتعريف بثقافة البحرين وتاريخها العريق.
وذكر الشيخ خالد آل خليفة بأن هذه محاضرة "الأرشيف الوطني.. ذاكرة الوطن" تعتبر باكورة تفعيل مذكرة التفاهم التي أُبرمت في 2 أبريل الماضي بين مركز عيسى الثقافي والأرشيف الوطني بوزارة شئون الرئاسة بأبوظبي، مؤكدا على أنها "خطوة نحو بادرة تحمل في طياتها عملية بناء "ذاكرة" لوطننا الغالي، على خطى حثيثة شهدناها خلال زيارتنا الأخيرة لأشقائنا بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أثمرت الإرادة المشتركة عن إطلاق هذه المحاضرة لنبين لكم أهمية الأرشيفات الوطنية في بناء حاضر ومستقبل مجتمعاتنا".
من جانبه، استعرض د. عبدالله الريس في محاضرته عدة محاور أساسية منها أهمية الأرشيفات الوطنية في المجتمعات المعاصرة، خصوصا وأنها ساهمت في حل العديد من النزاعات الدولية، حيث أشار بأن حل النزاع بين البحرين وقطر في عام 2001حول جزر حوار، تم بالاستناد إلى بعض المراسلات التاريخية في عام 1938، والتي أكدت أن ملكية الجزر تعود إلى مملكة البحرين، بالإضافة إلى النزاع حول جزر بيدرا-برانكا بين ماليزيا وسنغافورة في عام 2008، والتي استندت على المراسلات البريطانية في 1824، مؤكدة ملكيتها لسنغافورة، فضلاً عن أن الكثير من الوثائق والمخطوطات التاريخية والأرشيفية قادرة على إثبات الأنساب والملكيات العقارية وغيرها كثير.
وذكر د. الريس عدد من المشكلات التي حدثت بسبب عدم الرجوع للأرشيفات والوثائق الوطنية عموما، ففي إندونيسيا مثلا كان من الممكن تجنب الفيضانات التي تحدث في المدن مثل جاكرتا وغيرها لو تم الإطلاع على المخططات الهندسية وتنمية المدن المحفوظة في الأرشيف الوطني. كما أن في بولندا كان من الممكن تجنب أو تقليل الآثار الكارثية للغمر الشديد في حوض نهر أودر في عام 1984 ، إذ تم الرجوع إلى الوثائق القديمة للمنشآت في مكافحة الفيضانات التي كانت متاحة في الأرشيف الوطني.
ثم قدم د. الريس لمحة تاريخية عن الأرشيف الوطني بدولة الإمارات العربية المتحدة والذي بدأت منذ تأسيسه كمكتب للوثائق والدراسات في عام 1968 وصولاً إلى ما هو عليه اليوم من تطور وازدهار، مؤكدا أن الأرشيف الوطني يعمل على جمع الوثائق التاريخية من مختلف الأرشيفات العالمية كالأرشيف البريطاني والبرتغالي والأمريكي والعثماني والهولندي وغيره. كما يعمل على حفظ الوثائق التاريخية والوطنية على مستوى مؤسسات الدولة، فضلاً عن الاهتمام بالتاريخ الشفهي لحفظ ذاكرة المعمرين. وذلك عن طريق الإطلاع على وتطبيق أفضل الممارسات العالمية وتوفير مساحات تخزينية لحفظ الوثائق بأنواعها بأحدث المواصفات والتقنيات الذكية.
وأضاف د. الريس أن من مهام الأرشيف الوطني بدولة الإمارات العربية المتحدة هو توفير الوثائق للباحثين ومتخذي القرار، وإعداد تطبيقات ذكية لإتاحة الوثائق ونقل المعرفة لأفراد المجتمع، والتنسيق مع المؤسسات التعليمية لتعزيز تاريخ دولة الإمارات والهوية الوطنية، فضلا عن إطلاق "مبادرة وثق" لإشراك المواطنين في حفظ السجلات الشخصية.
واستعرض د. الريس الخطة الإستراتيجية للأرشيف الوطني الإماراتي لعام 2016-2018، موضحا المشاريع الإستراتيجية ومؤشرات الأداء والأنظمة والتطبيقات والتصنيفات التي اتخذت في سير عمل الأرشيف المتميز.
واختتم د. الريس محاضرته باستعراض عدد من الوثائق التاريخية حول العلاقات الإماراتية البحرينية، والتي تؤكد في صميمها على عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات ومملكة البحرين، مشيداً بدور مركز عيسى الثقافي في ترسيخ هذه العلاقات والتي ظهرت من خلال المبادرات المشتركة لتفعيل مذكرة التفاهم، ثم قام الطرفان بتبادل الدروع التذكارية لتوثيق هذه المناسبة.
وفي وقت سابق قام د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي مع د. عبدالله محمد الريس مدير عام الأرشيف الوطني بدولة الإمارات بافتتاح ركن خاص بمؤلفات الأرشيف الوطني، الذي أقيم بالمكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي، حيث أشاد الشيخ خالد بن خليفة بمؤلفات الأرشيف التي تعد ثمار مهمة في توثيق التاريخ والعناية بالتراث وتوفيره للجمهور بمختلف فئاته وانتماءاته.