في الوقت الذي يتلقى فيه الفلسطينيون في الداخل ضربات متتالية ويرون أبناءهم وأنفسهم وهم يموتون الواحد تلو الآخر ويرون بيوتهم وهي تتهدم على رؤوسهم ويعيشون ويلات الحرب ينبري من يده في الماء البارد ليقول «ما يحدث الآن في غـزة هو صورة مشرفة.. لأول مرة أكثر من مليون ونصف إسرائيلي في الملاجىء»!

ترى ما الذي يكسبه الفلسطينيون وهم يرون الإسرائيليين يلجؤون إلى الملاجئ؟ أوليس من الطبيعي أن يعمل كل من يسمع صفارات الإنذار على حماية نفسه؟ وما الذي كسبته القضية الفلسطينية بعد ما شاهد العالم لجوء الإسرائيليين إلى الملاجىء فور انطلاق صفارات الإنذار؟ في السياق نفسه، ما الذي يستفيده الفلسطينيون من تصريحات مثالها «نحيي بكل اعتزاز المرابطين في القدس وفي كل مواقع الصمود.. ولن تنكسر إرادة شعبنا في فلسطين» و«نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته» وغيرها من تصريحات لا تشبع ولا تغني من جوع؟

لا أحد يقول إن الفلسطينيين ليسوا على حق وإنهم غير مظلومين، ولا أحد يطلب منهم عدم الدفاع عن أنفسهم ورفع الراية البيضاء، لكن أيضاً ينبغي من «حماس» وغيرها من المنظمات الفلسطينية التي تعتبر نفسها «حاكم فلسطين» أن تدرك أن قوتها وقدراتها وأسلحتها دون قوة وقدرات وأسلحة إسرائيل وأن الطريق الأفضل لها في مثل هذه الحالة هو العمل مع العالم لإيجاد حلول سياسية تكفي الجميع شر القتال وتجعل الفلسطينيين يحصلون على ما هو ممكن الحصول عليه، إذ لا يمكن منطقاً حصولهم على كل شيء لأن مقابل ذلك يمكن أن يخسروا كل شيء.. و«راعي النصيفة سالم».

ليست هذه دعوة للخنوع والتنازل عن الحق والاستسلام ولكن إلى إعمال العقل والفكر والاستفادة من مختلف التطورات في هذه المرحلة لتحقيق المكاسب لشعب خلق كغيره ليعيش لا ليموت من أجل أن يقول عنه من أيديهم في الماء البارد مثل ذاك الذي صاروا يرددونه بوفرة على مدار الساعة.