كانوا في غالب الاحيان يهمشون أو انهم يجهلون أصولهم حتى، فالأطفال المولودون من ألمانية وجندي حليف خلال احتلال المانيا بعد الحرب عاشوا في دوامة من المحرمات المؤلمة وثقتها إحدى هذه الضحايا في كتاب.
وأخبرت أوته باور-تيمربرينك (70 عاما) "كنت دوما أقارن بيني وبين الأولاد الآخرين وتبين لي أنهم كانوا بالنسبة إلى أهلهم أهم مني في نظر أهلي".
وهي اكتشفت سنة 1998، أي قبل 18 عاما فقط، أن والدها كان جنديا أميركيا. فقد توفي الرجل الذي كانت تظن أنه والدها سنة 1981 من دون أن يخبرها الحقيقة، شأنه في ذلك شأن والدتها التي فارقت الحياة قبله بسبع سنوات.
وكان جميع المقربين من العائلة يعرفون الحقيقة، بحسب ما صرحت أوته خلال مؤتمر مع الصحافيين الأجانب في برلين. وهي علمت بالسر في نهاية المطاف من ابنة إحدى صديقات والدتها.
وأخبرتها هذه الأخيرة وهي تبكي أن "الجميع ماتوا وهم يحتفظون بالسر، لكنني لم أعد أتحمل".
وبعد تلك التصريحات، أجرت الكاتبة أبحاثا خلال عدة سنوات لتعرف هوية والدها الحقيقي.
وبحسب التقديرات، ولد في ألمانيا ما بين 200 إلى 250 ألف طفل من جنود أميركيين وبريطانيين وفرنسيين وسوفيات. والأمر كذلك بالنسبة إلى 20 ألف شخص في النمسا.
فقد تقاسم المنتصرون في الحرب العالمية الثانية أراضي الرايخ الثالث، وكان الغرب تحت إدارة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهو تحول في العام 1949 إلى جمهورية ألمانيا الفدرالية، في حين شكلت المنطقة السوفياتية ما كان يعرف بجمهورية ألمانيا الديموقراطية.
وترعرع السواد الأعظم من هؤلاء الأطفال من دون أن يتعرفوا على والدهم، أو أحيانا من دون العلم بوجوده، كما كانت الحال مع أوته باور-تيمربرينك.
وتزامن ذاك الغياب مع حالات تهميش وتمييز تعرضت لها النساء مع أولادهن وكانت لها تداعيات نفسية شديدة، بحسب ما جاء في دراسة أطلقتها جامعتا لايبزيغ وغرايسفالد في آذار/مارس 2013 شملت 146 مشاركا من الأولاد المعروفين ب "أولاد الاحتلال".
وأخبر أحد المشاركين فيها "كانت والدتي تلقب بعاهرة تومي وأنا بالقرد"، علما أن تومي كان اللقب الذي يطلق على الجنود البريطانيين في ألمانيا.
وفي أحيان كثيرة، لم يكن الوالد هو نفسه يعلم بوجود الطفل، كما جرى مع مارغو يونغ المولودة في العام 1954 في المنطقة التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي والتي ذكرت حالتها في كتاب أوته باور-تيمربرينك.
فعندما كان مارغو في السابعة من العمر سمعت والدتها تتكلم مع جدتها عن فرنسي، وبدأت الشكوك تساورها لكن المسألة بقيت من المحرمات بالطبع. وهي لم تبدأ بالبحث عن أصلها إلا في العام 2002.
وأجرت مارغو عدة أبحاث واتصالات قبل أن تتفاجأ في أحد الأيام برسالة تركت لها تتضمن عنوان والدها في فرنسا.
فتيسرت أمورها بعد ذلك وعلمت أن والدها توفي في العام 2001 وأنه لديها أخت غير شقيقة اتصلت بها وأصبحت على علاقة وطيدة بها.
وهي صرحت في الكتاب "لم أعد أخجل اليوم ويمكنني التكلم من دون تحفظات عن هذا الموضوع". ويبدو أن أمها ارتاحت هي أيضا.
وتتعاون أوته باور-تيمربرينك مع جميعة "جي آي ترايس" التي تساعد الأشخاص على العثور على آبائهم الذين كانوا يخدمون في صفوف الجيش الأميركي وهي سهلت بالتالي لم شمل 200 عائلة تقريبا.
لكن المساعي تبوء بالفشل في بعض الأحيان، لأن الآباء وعائلاتهم يرفضون ان يلاحقهم شبح الماضي.