كتبت - سلسبيل وليد:
دعت «وثيقة البحرين» الصادرة بختام أعمال المنتدى العربي الثاني رفيع المستوى للتنمية المستدامة إلى تحقيق الاستقرار بالوطن العربي بمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، وتضمين الأولويات التنموية العربية بأجندة التنمية لما بعد 2015.
وحثت الوثيقة على تبني إستراتيجيات لتطوير أداء المؤسسات ومكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة، والإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، وتمكين الأجيال الحالية والمقبلة من الركائز الأساسية للتنمية.
وأوصى المنتدى المنعقد تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بتبني أنماط مستدامة للاستهلاك والإنتاج وتوطين التقنيات الخضراء المناسبة، وتوفير التمويل اللازم لبناء القدرات العربية في أمن المياه والطاقة والغذاء، ومعالجة الفجوة التكنولوجية المتسعة بين الدول النامية والمتقدمة.
وأكد المنتدى ضرورة إنشاء آلية دولية لتطوير نقل التكنولوجيا السليمة بيئياً للدول النامية، وتبني سياسات لخفض معدلات البطالة وخلق فرص عمل نوعية للجميع، وإصلاح منظومة الدعم والتصدي لحركة رأس المال غير المشروعة، وتطوير نظم الإنذار المبكر وإدارة المخاطر بشأن الكوارث الطبيعية.
وخرج المنتدى بـ17 توصية، من المقرر أن ترفع إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى بنسخته الثالثة في نيويورك مابين 26 يونيو ـ 8 يوليو 2015.
وتضمنت التوصيات التأكيد على طوعية وعالمية وشمولية أجندة التنمية لما بعد عام 2015، وفقاً لمبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة، وأهمية دور البيئة الدولية التمكينية المناسبة في دعم جهود دول المنطقة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مع مراعاة الاحترام الكامل للسيادة الوطنية ومختلف القيم الدينية والأخلاقية والثقافية والمجتمعية للدول، واحترام كافة حقوق الإنسان بما فيها حق التنمية وتعزيز مبادئ الحكم الرشيد.
واعتبرت التوصيات القضاء على الفقر بكافة أشكاله، التحدي العالمي الأكبر أمام تحقيق التنمية المستدامة، نظراً لما تشهده المنطقة العربية من ازدياد معدلات الفقر في بعض دولها.
وقالت إن تنامي ظاهرة الفقر يحتم حشد كافة الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمواجهتها في إطار الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، داعية إلى تطوير مقاربة تنموية تحولية تضع الإنسان في لبها، وتراعي الأوضاع والظروف الوطنية، وتعمل على دمج الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة بشكل متوازن.
وحثت على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، والعمل مع المجتمع الدولي للتوصل للأمن والسلم والتنمية المستدامة الشاملة بالمنطقة العربية.
ونبهت الوثيقة إلى أهمية الاستقرار لتحقيق التنمية المستدامة، في ضوء ما تشهده المنطقة من ازدياد ظاهرة التطرف وتنامي الإرهاب ونشوب النزاعات، وما ترتب عليه من تدهور للوضع الإنساني والنزوح القسري وازدياد أعداد اللاجئين بالمنطقة العربية.
وأوصت بتوسيع مشاركة كافة أطراف المجتمع في العملية التنموية، بما يعزز العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، ويدعم مشاركة المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين والنازحين واللاجئين والفئات المهمشة، في تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.
وحثت الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، على دعم جهود الحكومات وتنفيذ السياسات المعنية بالتنمية المستدامة، في إطار تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية لدعم جهود تحقيق التنمية الشاملة، وتعزيز البنى التشريعية المؤاتية للمشاركة المجتمعية الفاعلة، في إطار احترام السيادة الوطنية.
وأوصت «وثيقة البحرين» بتبني إستراتيجيات للتنمية المستدامة، تشمل تطوير أداء المؤسسات وانخراطها في العملية التنموية ومكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة، وتطوير آليات عملها بما يتناسب مع أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز ممارسات الإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية، وتمكين الأجيال الحالية والقادمة من الوصول إلى الركائز الأساسية للتنمية المستدامة.
ولخصت الوثيقة التحديات التي تواجه دول المنطقة بندرة المياه وتدهور الأراضي الزراعية والتصحر، باعتبارها عوامل تهدد الأسس التنموية في المنطقة، وأمن الغذاء والأمن المائي.
ودعت إلى تبني أنماط مستدامة للاستهلاك والإنتاج، من خلال نقل وتوطين التقنيات الخضراء المناسبة إلى المنطقة، وتوفير التمويل اللازم، وبناء القدرات العربية بما يحقق أمن المياه والطاقة والغذاء، والبناء على أفضل الممارسات وقصص النجاح في هذا المجال بالمنطقة العربية.
وقالت إن تسخير التكنولوجيا في عملية إحداث التنمية، ومعالجة الفجوة التكنولوجية المتسعة والاحتياجات المتعاظمة في تنمية القدرات لتنفيذ برامج التنمية المستدامة في الدول العربية، تتطلب صياغة سياسات وطنية للبحث العلمي والتكنولوجيا، وتحسين جودة التعليم وبناء مجتمع المعرفة، ورفع الاستثمار في أنشطة البحث والتطوير والإبداع، وتعزيز التعاون الإقليمي.
وأكدت ضرورة دعم إنشاء آلية دولية لتطوير نقل التكنولوجيا النظيفة والسليمة بيئياً للدول النامية، وإعادة النظر في طرق التعاون القائمة لنقل التكنولوجيا وتوطينها، بما فيها الشراكات بين الشمال والجنوب.
وحثت على مواصلة الجهود في رسم سياسات اقتصادية كلية تُعنى بخفض معدلات البطالة، وخلق فرص عمل نوعية ولائقة للجميع، بما فيهم الشباب والنساء والمهاجرون، من خلال تعزيز الجهود الرامية إلى التطابق بين المكتسب من مهارات التحصيل العلمي لتتوافق مع متطلبات سوق العمل، وإضفاء مرونة على متطلبات أسواق العمل في بلدان تعاني من المشكلة، وإصلاح خدمات العمالة في القطاع العام، وتشجيع مشاركة النساء.
ونبهت الوثيقة إلى دور المؤسسات المالية والجهات المانحة في تضمين مبادئ التنمية المستدامة في عمليات التمويل، واعتماد نهج متكامل يشمل خيارات التمويل المختلفة العامة والخاصة، الوطنية والدولية، والتقليدية والمبتكرة، ورفع الكفاءة في تعبئة الموارد العامة الوطنية بمعالجة التهرب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، وإصلاح منظومة الدعم والتصدي لحركة رأس المال غير المشروعة، ودراسة سبل تعزيز تعبئة موارد التمويل بما فيها التمويل المبتكر، ودعم البلدان النامية لتأمين استدامة الديون.
ولفتت إلى ضرورة تعزيز التكامل العربي الاقتصادي، ومقاربة دامجة لسياسات التنمية والتجارة معاً، مدعومة من مؤسسات فاعلة تتمتع بآليات تنسيق وعمليات تشاركية مرافقة لها، والحرص على أن تكون الاتفاقيات التجارية الحرة بما فيها الاتحاد الجمركي العربي لها تأثيرات إيجابية على الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، وإصلاح المنظومة التجارية العالمية، وضمان مشاركة فاعلة لكافة الدول العربية وخاصة الأقل نمواً.
وأوصت بصياغة سياسات للتنمية المستدامة مبنية على الأدلة والنتائج العلمية، تحتم تعزيز دور الأجهزة الإحصائية الوطنية وقدراتها على جمع البيانات، وتحسين جودة وشفافية المعلومات، وإصدار تقارير منتظمة لمؤشرات التنمية المستدامة على المستويات الدولية والإقليمية.
ودعت إلى مواصلة دعم جهود المجموعة العربية في نيويورك، لتضمين الأولويات التنموية العربية في مساري المفاوضات الحكومية حول تمويل التنمية وأجندة التنمية لما بعد 2015، خاصة فيما يتعلق برؤية المجموعة العربية حول العلاقة بين المسارين، والحاجة إلى الاتفاق على ترتيبات حكومية مستقلة لمتابعة الالتزامات الدولية في مجال تمويل التنمية، وتأييد المجموعة العربية لتناول المفاوضات حول أجندة التنمية لما بعد 2015 موضوع وسائل وأساليب عمل المنتدى السياسي رفيع المستوى، في تنفيذ دوره الخاص بعملية مراجعة ومتابعة تنفيذ التزامات أجندة التنمية.
واعتبرت الوثيقة الاقتصاد الأخضر أحد وسائل تحقيق التنمية المستدامة، ووسيلة مشتركة تسهم في تنويع الأنشطة الاقتصادية، وبناء خبرات عربية من خلال التعاون الدولي في نقل التقنيات والتمويل في هذا المجال.