دفع تردد نتنياهو بزج قوات برية لحسم المعركة في غزة الكثير من النقاشات، ورأينا أنه كان هناك أسباب كثيرة للدخول البري لعل أهمها وجود أسرى، وللقضاء على القوة الصاروخية والأنفاق؛ بالإضافة إلى توفر الإمكانيات، فلدى نتنياهو قوات صفوة هي من أشهر القوات الخاصة إقليمياً، مثل لواء غولاني الذي أصيب قائده الدرزي غسان عليان من المقاومة الفلسطينية إصابة خطيرة في الجولة السابقة وفقد 13 من جنوده في ليلة واحدة. ويبدو أن نتنياهو اتعظ من درسين، الأول، كان ذكريات غزة الأليمة خلال التوغلات التي وقعت خلال عمليات «الرصاص المصبوب»، 2009، و«عمود السحاب»، 2012، و«الجرف الصامد»، 2014. أما مصدر الدرس الثاني فكان الاستفادة من معارك الآخرين فمن حرب المدن تعلمت روسيا درس الشيشان وأمريكا تعلمت دروساً في مقديشو 1993، وفي معركة الفلوجة 2004، ومعركة مدينة الصدر 2008 في العراق.

فالحرب البرية لها فكان مرعبان، الأعلى هو حرب المدن Urban warfare، ويسمى قتال المناطق المبنية، وهو الكابوس المرعب للعسكريين، ويعتمد بشكل حاسم على معنويات المقاتلين، وهناك فرق بين معنويات المدافع عن أهله وبيته ومن جاء لتحقيق كسب سريع. والفك السفلي هو الحرب غير المُتماثِلة Asymmetric warfare بين جيوش وهياكل عسكرية غير نظامية، فالحرب غير المُتماثِلة هي سلاح الضعفاء في مواجهة الأقوياء بالاعتماد على العدو الكبير لتدمير نفسه. وقد لوحظ تراجع دور القوات البرية وصارت كبيرة الحجم بلا قدرة على المناورة العملياتية، وبلا نظريات قتال جديدة للتعامل مع التهديدات اللامتماثلة، ودون تطور ملموس في حرب المدن، بل وليس لديها القدرة للتصدي لهجوم خاطف من الميليشيات، لذا تحولت الدول الكبرى للشركات الأمنية الخاصة مثل فاغنر والفيلق السلافي الروسية وشركة بلاك ووتر الأمريكية، ونتوقع أن تسير دول أخرى نحو نفس النهج.

* بالعجمي الفصيح:

ندرك أن قيمة المشاة من دون بقية الأسلحة هي مسك الأرض، لكن لن يبقى للمشاة الأولوية، ففي حروب الجيل الخامس تتقدم الطائرات المسيرة، والسايبرانية، والفضائية، والصاروخية فهل آن الأوان للاستثمار الخليجي في الشركات الأمنية الخاصة لسد الفجوة في الحاجة لقوة برية صغيرة وفعالة!

* كاتب وأكاديمي كويتي