في الحادي عشر من أكتوبر الماضي، وجه جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه خلال افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الخامس، بتوجيه رؤوس الأموال إلى المجالات التنموية ذات القيمة المضافة، ومن بينها تأمين الاكتفاء الغذائي، لما لها من أهمية قصوى في تحقيق الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

هذا الموضوع، التقطه القائمون على مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»، ليكون موضوع النسخة الرابعة من منتدى «دراسات» السنوي، والذي سيقام الفترة من 21 حتى 23 يونيو الجاري. تحت عنوان «استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي: التحديات والفرص».

ومع ما يعيشه العالم اليوم من ظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا، تبرز الحاجة أكثر إلى تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، خصوصاً في ظل الإغلاقات التي يعيشها العالم وتوقف سلاسل التوريد والإمدادات الغذائية، وما يمكن أن يتركه من أثر على الأمن المجتمعي.

على أرض الواقع تعتبر البحرين، رغم محدودية الحجم الجغرافي وندرة المياه الصالحة للزراعة، مؤهلة وبقوة للنجاح في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، خصوصاً مع الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وتوظيف التقنيات الحديثة التي أثبتت نجاحها في أكثر من مكان، مثل الزراعة العمودية والزراعة من غير تربة وبما يتوافق مع مناخ وبيئة البحرين، إلى جانب توفير التوسع في مجال الاستزراع السمكي والعناية بالإنتاج الحيواني.

ولا شك في أن النجاح في تنفيذ استراتيجية وطنية للأمن الغذائي، يتطلب إضافة إلى ما سبق توفر إيمان ومشاركة فاعلة وحقيقية من القطاع الخاص والعمل على جذب مستثمرين وتوفير خبرات وطنية قادرة على قيادة الاستراتيجية، وصولاً إلى تحقيق الأهداف والتطلعات التي أشار إليها جلالة الملك المفدى.

ولتحقيق استراتيجية فعالة للأمن الغذائي، وفي ظل التحديات المشار إليها آنفاً، يبرز التحدي الأكبر في توفير السلع الغذائية الاستراتيجية، والتي لا تتلاءم وبيئة البحرين، لذلك فقد أصبح من الضرورة تفعيل الاتفاقيات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة وتوجيه رؤوس الأمول للاستثمار الزراعي في تلك الدول لصالح البحرين، والاستفادة من التسهيلات المقدمة والمساحات التي تم توفيرها.

البحرين خاضت كثيراً من التحديات واستطاعت تجاوزها والنجاح فيها بكل قدرة وجدارة، وهي اليوم مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق رؤيتها الاستراتيجية للأمن الغذائي بسواعد أبنائها، لتبقى كما كانت على الدوام النموذج الأكثر تميزاً في المنطقة والعالم.

* إضاءة:

«وندعو في ذات السياق، المؤسسات الاستثمارية، الحكومية والخاصة، بتوجيه رؤوس أموالها إلى المجالات التنموية ذات القيمة المضافة، والتي أثبتت الأزمة الصحية أهمية وجدوى تطويرها، كمجال التحول الرقمي والاستثمار في القطاع الطبي وتأمين الاكتفاء الغذائي، وهي أولوية تستدعي أقصى درجات التعاون والتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية»، «من خطاب جلالة الملك المفدى بافتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الخامس».