أحياناً نصادف في حياتنا اليومية شخصيات تفقه في كل جوانب الحياة، وتفتي في كل مسألة، ولا تبدي رأيها في محاور النقاشات وحسب بل تحسم الموضوع من خلال رأيها الذي لا يقبل النقاش، كان ذلك النموذج نراه في الماضي وفي حالات قليلة ونادرة، ولكن اليوم ومع وجود وسائل اتصالات سريعة وميسرة ترى مثل هذه النماذج بشكل دائم يردون على هذا ويفندون رأي ذاك، ويفتون في تلك المسألة ويوجهون نصائحهم في تخصصات مختلفة.

مثل تلك النماذج المتجددة على مر الأزمنة والأوقات لا تقتصر على الجهلاء والأميين، بل تعدتهم لتصل لفئة المتعلمين وحاملي الشهادات العليا، أذكر في مرة من المرات كنت في نقاش مع أحد أطباء الأسنان من خارج الوطن عن بعض الأمراض البعيدة كل البعد عن تخصصهم ومجال دراستهم، فقدم لي النصائح كونه مضطلعاً على هذا الجانب بسبب أن السنة الدراسية الأولى كانت تشمل الطب العام، وبعد فترة من الزمن كان النقاش عن أمراض الأنف والحنجرة فتصدى ذلك الطبيب للنقاش كون السنة الدراسية الأولى شملت الطب العام، ودار الزمن وبات الشغل الشاغل للعالم أجمع هو فيروس كورونا (كوفيد19) والجائحة التي غزت العالم، فكان لنفس الطبيب رأي قاطع وحاسم لسبب بسيط، وهو أن السنة الدراسية الأولى شملت علم الفيروسات والأوبئة وما إلى ذلك، وقس على هذا المثل العديد والعديد من الأمثلة لشخصيات تحمل مؤهلات في مجال ما ولكنهم يفتون في مجالات أخرى.

مثال السنة الأولى يتجدد ويتكرر ولا أعلم كم تبلغ مدة السنة الدراسية الأولى التي يستطيع الدارس من خلالها أن يكون ملماً بكافة أنواع الأمراض والأوجاع ويكون على دراية بالسياسة العامة للدول وعلى قدر كافٍ من الخبرة للحديث عن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بل وحتى العسكرية منها.

يا ترى كم من متطفل يقدم لنا الفتاوى والنصائح بسبب السنة الأولى، وكم من حسن النية يصدق كل المعلومات التي تمر عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعمل بها دون إدراكه لخطورة العواقب.

لذا فإن من الواجب لجم مثل تلك الشخصيات، مع اعتذاري لكافة التخصصات والمهن وإن كان طبيب الأسنان مثالاً استعنت به فله مني كل احترام وتقدير ومحبة، ولكن على المتلقي للمعلومات والمتصفح لوسائل التواصل أن يكون حذراً في استقبال المعلومات التي ترد إليه، ويتحقق من خلال المختصين وذوي الخبرة قبل الإقدام على أي خطوة قد يندم عليها بسبب ذلك الشخص الذي «يعرف كل شي».