عميمة اسم غريب لسيدة أحداث حياتها أغرب من اسمها، عانت فراق الأم بعد أن انتزعها والدها من دفء الأمومة ليعبر بها بحر الخليج من البصرة إلى بلده البحرين، وتظل تلك الطفلة تبحث عن أمها، وتتوق للقائها، وقد تزوج أبوها ليكون لها إخوة من أبيها، كبرت تلك الصغيرة وأصبحت أُماً، وتدور الأيام ليساعدها أحد إخوتها للوصول للبصرة فتعود لأحضان الحنونة، وعرفت حينها أن لها إخوة لأم بعد أن تزوج أمها ثانية، ومن غرائب القدر أن تزوج أخوها لأبيها من أختها لأمها، قصة مليئة بالأحداث الغريبة، وكأنها من نسج خيال روائي مبدع، لكنها قصة واقعية وقعت في الزمن القديم قبيل الحرب العالمية الثانية، تلك القصة تصف حياة الناس في ذلك الزمان، فلا لجوء للقضاء في القضايا الأسرية، ولا استعانة بمراكز العنف الأسري، ولا احتماء بأبواب المجلس الأعلى للمرأة، ورغم قساوة الظروف والحرقة الحنين لحضن الأم تنشأ الطفلة «عميمة»، نشأة قوية لتصبح سيدة ذات عقل راجح، وحكمة يستعين بها من حولها، سيدة لا تعاني من العقد النفسية وتقلبات المزاج، فأعجب من بنات هذا الزمان: فعلى الرغم من رغد العيش الذي ينعمن به فبعضهن يعانين من التقلبات المزاجية والنفسية والتذمر.. عجبي!!!!

جميل أن يقرأ أبناء هذا الجيل تلك القصة الواقعية والتي كتبتها الأستاذة التربوية أمينة أبو بكر جناحي إحدى بنات «عميمة»، وصاغتها الكاتبة حنان برغل، صيغت في شكل حكاية شيقة فيها العبر، وعرضتها في سفر أنيق معزز بالرسومات المعبرة والمرسومة بخط اليد حتى تحول لإنتاج فني جميل، فأنت تطرب بإبداعين إبداع الكلمة وإبداع الريشة. ليصبح هذا السفر إضافة جميلة ومفيدة للمكتبة العربية، وهناك ازددت إيماناً بمبدأ أن الإبداع صفة تلازم الإنسان فيبدع في كل مجال يخوض فيه، فأمينة جناحي لها قصة نجاح مشهورة تفخر بها البحرين، فهي سيدة أعمال في مجال صناعة الحلويات، فقد بدأت بصناعة الحلويات في مطبخها كأسرة منتجة إلى أن أسست أشهر مصنع كاكو في الخليج العربي، وقد تجاوزت التحديات لتحقيق هذا النجاح، فهي ورثت الصلابة والقوة من والدتها، وكأن الإصرار والمثابرة والإبداع إرث يتناقله أفراد العائلة أباً عن جد.