طالب المستشار الصحي للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي، الصين بالكشف عن السجلات الطبية الخاصة بتسعة أشخاص، قد توفر إصاباتهم بفيروس كورونا، أدلة مهمة عما إذا كان الفيروس ظهر نتيجة تسرب مخبري أم كان مصدره طبيعياً.

وتشير نظرية المصدر الطبيعي للفيروس، التي اعتبرها فريق خبراء منظمة الصحة العالمية الذي زار الصين العام الماضي الأكثر ترجيحاً، إلى أن الفيروس ظهر لدى الخفافيش ومن ثم انتقل إلى البشر عبر حيوان وسيط، بينما تحظى فرضية "التسرّب المخبري" بمزيد من الزخم حالياً بعد طلب الإدارة الأميركية من أجهزة الاستخبارات تقصي أصول الفيروس.

ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، قوله، الجمعة، إن "السجلات الطبية قد تساعد في حسم الجدل بشأن أصول المرض، الذي أودى بحياة أكثر من 3.5 مليون شخص حول العالم".



وقالت الصحيفة إن السجلات الطبية التي طالب فاوتشي الصين بالكشف عنها تتعلق بمرض 6 عمال مناجم مرضوا في عام 2012، بعدما دخلوا إلى كهف للخفافيش، وتوفي منهم 3. بالإضافة إلى 3 باحثين من معهد ووهان لأبحاث الفيروسات، أفادت تقارير بأنهم مرضوا في نوفمبر الماضي، كانوا قد زاروا الكهف ذاته لأخذ عينات من الخفافيش.

"مزيد من التحقيق"

ونفت شي جينغلي، الباحثة البارزة في معهد ووهان، في وقت سابق وجود أي عدوى في المختبر، الأمر الذي لم يعارضه فاوتشي، ولكنه يرى أنه بحاجة إلى مزيد من التحقيق.

وقال فاوتشي: "أريد رؤية السجلات الطبية الخاصة بالباحثين الثلاثة الذين أُفيد بأنهم مرضوا في عام 2019. هل حقاً مرضوا؟ وإن صح ذلك، فما المرض الذي أصابهم؟".

وأضاف: "الشيء نفسه مع عمال المناجم الذي مرضوا منذ سنوات (..) ماذا تقول السجلات الطبية الخاصة بهؤلاء الأشخاص؟ هل أصاب فيروس هؤلاء الأشخاص؟ وما هذا الفيروس؟ أعتقد تماماً أن فيروس (سارس-كوف-2) مصدره هذا الكهف، ثم بدأ في الانتشار إما بشكل طبيعي أو من خلال تسرب مختبري".

ولفتت"فاينانشيال تايمز" إلى أن وزارة الخارجية الأميركية رفضت التعليق، على ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قد طلبت من الصين الحصول على السجلات الطبية.

موقف الصين

ورفضت الصين تماماً فرضية "التسرّب المخبري" واتهمت الولايات المتحدة بإثارة مؤامرات وتسييس الوباء، لصرف الأنظار عن معدّلات الوفيات المرتفع لديها.

وأشارت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، إلى استنتاجات زيارة أطباء منظمة الصحة العالمية، في معرض رفضها تصريحات فاوتشي، متحدثة عن ظهور الفيروس لأول مرة في مركز للأبحاث البيولوجية في الولايات المتحدة.

وذكرت الوزارة بياناً لمعهد ووهان لعلم الفيروسات، يعود تاريخه إلى مارس لدى السؤال عما إذا كانت بكين مستعدة لمشاركة السجّلات الطبية.

وكرر المتحدث باسم الخارجية، وانغ وينبين، ما جاء في بيان أصدره معهد ووهان في مارس الماضي الذي أعلن وقتها أنه لم يُصب أحد من موظفيه بفيروس كورونا.

ونقلت الصحيفة عن المتحدث القول: "نأمل أن يجد الأشخاص الذين لا يؤمنون بنظريات المؤامرة، ويحترمون الحقائق والحقيقة، الإجابات المرتبطة بالوقائع في هذا البيان".

تحقيق بايدن

وفي نهاية الشهر الماضي، أمر بايدن هيئات الاستخبارات الأميركية بالتوصل إلى أسباب انتشار المرض في غضون 90 يوماً. وقال البيت الأبيض، إن فرعين من مجتمع الاستخبارات يعتقدان أن فيروس "سارس-كوف-2" انتقل بشكل طبيعي، وأن فرعاً ثالثاً يعتقد أنه جاء من معهد ووهان. ولا تمتلك الأفرع الثلاثة درجة عالية من الثقة في استنتاجاتها.

واتُهم فاوتشي، خصوصاً من المحافظين، بالتقليل من شأن نظرية "التسرب المخبري"، لحماية سمعة المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، ما ساعد على تمويل الأبحاث المثير للجدل على الخفافيش في ووهان.

وتساءل ديفيد آشر، رئيس لجنة التحقيق في أصول فيروس كورونا بوزارة الخارجية الأميركية في إدارة ترمب، عن سبب سعي فاوتشي للحصول على السجلات الطبية في الوقت الحالي، وأشار إلى أن إدارة ترمب قالت علناً في يناير الماضي إن المخابرات الأميركية تعتقد أن علماء معهد ووهان أصيبواً بأعراض الفيروس.

وردّ فاوتشي على هذه التصريحات بالقول، إنه لا يزال يعتقد أن الفيروس انتقل للبشر لأول مرة من الحيوانات، مشيراً إلى أنه يرفض فكرة أن مؤسسته قد تتحمل أي مسؤولية بشأن انتشار الوباء.

وأضاف: "هل حقاً تقول إننا متورطون لأننا أعطينا مؤسسة 120 ألف دولار سنوياً لمراقبة الخفافيش؟".