أ ف ب


يخشى مترجمون أفغان سابقون لقوات غربية، تعتبرهم حركة طالبان "خونة"، على حياتهم أكثر فأكثر عندما ستنهي الجيوش الأجنبية انسحابها الكامل من البلاد بحلول سبتمبر المقبل.

وأوضح عدد كبير منهم لوكالة "فرانس برس"، أن الحصول على تأشيرات لهم ولعائلاتهم بات أمراً ضرورياً. ويسأل أوميد محمودي، الذي عمل مترجماً للجيش الأمريكي بين 2018 و2020: "إذا لم يكن إمام في مسجد بأمان ولا فتاة صغيرة تبلغ عشر سنوات في مدرستها، كيف سنكون نحن بأمان؟".

وذلك بعد أن أُنهي عقده بسبب فشله في اختبار روتيني للكشف عن الكذب، فرُفض طلبه للحصول على تأشيرة. ويؤكد أوميد أن المتمردين في طالبان "يتتبعوننا، سيجدوننا وسيقطعون رؤوسنا، لن يسامحونا أبداً".


وبعدما طُردت طالبان من الحكم إثر تدخل أميركي عام 2001، تسيطر الحركة حالياً على مساحات شاسعة من الأراضي الأفغانية وتطوّق معظم المدن الكبرى وكذلك تكثّف هجماتها المحددة الأهداف ضد مسؤولين سياسيين وناشطين من المجتمع المدني وصحافيين.

"أسوأ خطأ في حياتي"

سبق أن أُرغم عمر، وهو مترجم أفغاني آخر، على الفرار من طالبان. فقد نقل عائلته من مدينة مزار شريف الشمالية الكبيرة إلى كابول حيث كان يعمل، بعد أن تعرّض أقرباؤه للتهديد بالقتل.

لكنه يخشى حالياً من عدم تمكنه من الهروب من طالبان لوقت طويل، في حال لم يغادر البلاد، إذ إنه كان يعمل لحساب السفارة الأميركية على مدى 10 سنوات، إلا أن عقده أُنهي بعد فشله في اختبار لكشف الكذب.

ويقول عمر، الذي طلب من وكالة "فرانس برس"، عدم استخدام اسمه الكامل: "أنا نادم لأنني عملت لصالح الولايات المتحدة في أفغانستان، كان ذلك أسوأ خطأ في حياتي".

وسبق أن قتلت طالبان عشرات المترجمين السابقين أو الحاليين، وكذلك موظفين آخرين في سفارات أو لدى جيوش غربية. لكن المقاتلين الإسلاميين ليسوا وحدهم من يعتبر هؤلاء الأشخاص خونة أو جواسيس لقوى أجنبية.

يشير عمر، الذي لا يزال طلب حصوله على تأشيرة أميركية قيد الدرس: "عمّي وأقربائي يقولون إنني عميل لأميركا".

"الجيش الفرنسي خاننا"

حصل أكثر من 18 ألف أفغاني و45 ألف فرد من عائلاتهم المقرّبة، على تأشيرات وهاجروا إلى الولايات المتحدة، في إطار برنامج من أجل المترجمين والأعضاء المشاركين، في عمليات خاصة وأولئك الذين جازفوا بالعمل مع الأميركيين حتى في مجال التعاون المدني. لكن هناك 18 ألف طلب إضافي ما زالوا قيد الدراسة.

وليس الأميركيون وحدهم الذين يوظفون مترجمين، رغم أنهم القوة الأجنبية الأكبر في البلاد. فأثناء تجمّع الأسبوع الماضي في كابول لثلاثين موظفاً سابقاً في الجيش الفرنسي، شرح وحيد الله حنيفي، البالغ 32 عاماً، أن باريس رفضت منحه اللجوء إذ إنها اعتبرت أن حياته غير معرّضة للخطر.

وقال حنيفي، الأب لولدين، والذي كان موظفاً لدى الجيش الفرنسي بين 2010 و2012: "كنّا صوت الجنود الفرنسيين في أفغانستان، والآن يتركوننا لمصيرنا مع طالبان". وأضاف: "إذا بقيت هنا، ليس لديّ فرصة للبقاء على قيد الحياة، الجيش الفرنسي خاننا".

استقدام العائلات

حتى بالنسبة للأشخاص الذين تمكنوا من الفرار من أفغانستان، غالباً ما تبقى هناك معركة جديدة يتعيّن خوضها هي انضمام عائلاتهم إليهم.

جمال، البالغ 29 عاماً، مترجم سابق للجيش البريطاني، أصيب مرتين خلال عمليات. وتمكن من الاستقرار في كوفنتري وسط إنجلترا عام 2015. لكن لم تتمكن زوجته سوى مؤخراً أي بعد 6 أعوام، من الحصول على إذن من وزارة الدفاع البريطانية للانضمام إليه.

في المقابل، لا يزال والده الذي كان عامل صيانة في قاعدة للجيش البريطاني، يعيش في لشقر جاه في ولاية هلمند (جنوب) التي يسيطر عليها متمردو طالبان ولطالما شهدت معارك كثيفة مع الجيش الأفغاني.

ويؤكد جمال: "عندما تعملون لصالح الجيش البريطاني، وتقفون إلى جانب هؤلاء الجنود، تتوقعون منهم معاملة أخرى".