يحرص المجلس الأعلى للمرأة منذ انشائه قبل عشرين عاماً وحتى الآن على استكشاف الفرص الداعمة لتقدم المرأة البحرينية، ويعمل المجلس في إطار اختصاصاته؛ وبالتعاون مع جميع الشركاء من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني؛ على ضمان استدامة مشاركة وتنافسية المرأة البحرينية وادماج احتياجاتها في مختلف مسارات التنمية الوطنية.

التوازن بين الجنسين في علوم المستقبل

وفي عام 2019، أطلق المجلس الأعلى للمرأة مبادرة التــوازن بين الجنـــسين في مــجـال عــلـوم المستقـــبل"، والتي بنيت على رؤية حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه في أن الفرد رجلاً كان أو امرأة (هو المرتكز الرئيسي لبناء الدولة ونموها وتطورها)، ولما أشار له جلالته تحديداً في كلمته السامية بــــــــ" وضع خطة وطنية شاملة تأمن الاستعداد الكامل للتعامل مع متطلبات الاقتصاد الرقمي " ، وقد أكد المجلس على أهمية هذه المبادرة الوطنية كأداة تنظيمية تدعم استدامة مشاركة المرأة البحرينية في مجالات علوم المستقبل بما يضمن تحقيق التوازن بين الجنسين، وتعزيز قدرتها التنافسية لتلبية المتطلبات والأولويات الوطنية في التحول للاقتصاد الرقمي وصناعة التنمية الوطنية، وإيجاد فرص عمل جديدة واعدة للانتقال إلى وظائف أفضل تتسم بالإبداع والابتكار وبما يتناسب مع سرعة المتغيرات الخاصة بالمسار التنموي العالمي .



وتستهدف "مــبادرة التــوازن بين الجنـــسين في مــجـال عــلـوم المستقـــبل" المـرأة البحرينيـة فـي جميـع مراحلهـا العمريـة، وترتبط المبادرة بمجالات الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية، وبالأخص مجال التعلم مدى الحياة الذي يهدف لإعداد الجيل القادم في المراحل التعليمية ورفع قدراته في مجال الابتكار والابداع وصناعة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وجرى تحديد مجالات علوم المستقبل توافقاً مع الجهود والتوجهات الحالية والمستقبلية الخاصة بالتحول الرقمي في مملكة البحرين، وتشمل هذه العلوم مجالات التكنولوجيا والتكنولوجيــا الماليــة والمــدن الذكيــة والأمن الإلكتروني، والطاقة المتجددة، وعلوم الفضاء، والذكاء الصناعي، والأمن الغذائي، والإيكلوجيا، وتقنية النانو، والطب الدقيق أو الجينومي.

إطار عام بستة محاور رئيسية

ويتضمن الإطـار العـام لـ "مــبادرة التــوازن بين الجنـــسين في مــجـال عــلـوم المستقـــبل" سـتة محـاور رئيسـية يعمل المجلس الأعلى للمرأة على متابعة تنفيذها بشراكة فاعلة مع كافة القطاعات من الوزارات والمؤسسات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني ذات العلاقة بحسـب اختصاصـاتهم، وهذه المحاور هي التشــريعات، والسياســات والقوانيــن، والاســتراتيجيات والأطــر المؤسســية والإداريــة اللازمــة لزيــادة وتحفيــز الأجيــال نحــو الابتــكار والابــداع، والتعليــم وتنميــة المهــارات والمواهــب للتوجــه نحــو الابــداع والابتــكار وتخصصــات علــوم المســتقبل، كما تدعم المبادرة الاستشــارات والخدمــات لتطويــر البرامــج والمشــاريع نحــو المجالات الواعــدة وعلــوم المســتقبل، والبحــث العلمــي والتطويــر وإدارة المعرفــة للنظــم المؤسســية لتعزيــز اقتصــاد المعرفــة، والتوعيــة والتثقيــف ونشــر الثقافــة المجتمعيــة وتعزيــز الإرشــاد والتوجيــه الأكاديمــي والمهنــي للتوجــه نحــو علــوم المســتقبل، والمتابعــة والتقييــم بتبنــي آليــة واضحــة لتقييــم ومتابعــة تنفيــذ البرنامــج بمــا يضمــن جــودة واســتدامة تنفيذهــا والربــط مــع جميــع الجهــات ذات العلاقــة بمجالات علــوم المســتقبل .

وقد انطلقت المبادرة بمنهجية دقيقة وواضحة نحو تحقيق الأثر المتوقع بما يتوافق مع توجهات مملكة البحرين المبنية على النضج والخبرة التراكمية والقائمة على تفعيل مبدأ الشراكة التامة بين جميع الأطراف المعنية من مؤسسات القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني وبناء على المرتكزات والدوافع التي توافقت عليها جميع الأطراف.

آليات إعداد المبادرة

وتتمثل آليات إعداد المبادرة في رصد وتقييم الجهود والمبادرات والمشاريع الوطنية وقياس مؤشرات تواجد المرأة في المجالات العلمية الواعدة والتي تتميز بها المرأة البحرينية من خلال مهاراتها التي اكتسبتها في المؤسسات التعليمية، ومقارنة الجهود والمبادرات الوطنية مع الجهود الدولية والاطلاع على الممارسات العالمية لإيجاد الفرص التي تساهم في تطوير البنية التحتية الوطنية لتكون أكثر دعماً لتقدم المرأة البحرينية، وعقد مجموعات تركيز ولقاءات تشاورية تهدف إلى استعراض المبادرات والجهود الوطنية ورصد الفرص والتحديات وبمشاركة فئة الشباب من الجنسين للتعرف على تطلعاتهم واحتياجاتهم، والاستعانة بعدد من الأدوات والوسائل البحثية والاستقصائية ومنها دراسة أكاديمية بحثية بالتعاون مع جامعة الخليج العربي حول "التوازن بين الجنسين: مهارات ووظائف المستقبل" ، والخروج بخارطة طريق تشاركية تتضمن محاورها وآليات تنفيذها سهولة التطبيق والمرونة التي توفرها للجهات المعنية بشكل يتناسب مع القدرة الاستيعابية لكل جهة وضمان عنصر الإبداع والابتكار لكل جهة .

وتشمل خطة متابعة وتقييم المبادرة تنفيذ الدراسات الاستشرافية اللازمة على المستوى الوطني، وتحليل البيانات المتعلقة بمجالات علوم المستقبل وعكسها على واقع مملكة البحرين بحيث تتناسب مع الحاجة الوطنية الراهنة وتحفزه على المضي قدماً لمراحل متقدمة، مع المتابعة والتقييم المستمر مع الشركاء لقياس إمكانية تطبيق الأثر المرجو للجهود الوطنية لضمان تقدم المرأة في مجالات علوم المستقبل بما يتوافق مع إدماج احتياجات المرأة في هذا المجال لتحقيق التوازن بين الجنسين، وإشراك المواطنين ورصد آرائهم ومقترحاتهم وتطلعاتهم المستقبلية للمبادرة للمساهمة في تقديم مقترحات نوعية تلبي تطلعات الشباب.

ارتباط المبادرة بالرؤية الاقتصادية 2030 وبرنامج عمل الحكومة

وتأتي "مــبادرة التــوازن بين الجنـــسين في مــجـال عــلـوم المستقـــبل" متسقة مع توجهات رؤية البحرين 2030 في الحاجة إلى زيادة الإنتاجية والابتكار وإيجاد فرص عمل جديدة واعدة والانتقال إلى وظائف أفضل تتسم بالإبداع والابتكار ونظام مستقر قائم على التطلعات المستقبلية، والانتقال لوظائف أفضل، وضرورة إيجاد نظام مستقر قائم على التطلعات المستقبلية. وهو ما تؤكد عليه كذلك توجهات الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2022، ومفردات برنامج العمل الحكومي المتفاعلة مع النمو المتوقع في عدد من القطاعات التي تعتمد في عملياتها على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تسعى الحكومة لتحقيقها من خلال أولويات رئيسية تتمثل في تعزيز الثوابت الأساسية للدولة والمجتمع، والاستدامة المالية والتنمية الاقتصادية، وتأمين البيئة الداعمة للتنمية المستدامة. ومن جوانب الارتباط على سبيل المثال لا الحصر ما دعا إليه برنامج عمل الحكومة بشأن أهمية إعادة رسم دور القطاع العام من المحرك الرئيسي إلى المنظم والشريك والذي يتطلب رفع كفاءة وفاعلية القطاع الحكومي ورفع إنتاجية الموظف الحكومي، وتعزيز الإبداع والمعرفة والابتكار وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، وتعزيز وتطوير البيئة الاستثمارية لتشجيع الاستثمار والابتكار وريادة الأعمال مع ضمان جودة الخدمات التعليمية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد والطاقة مع تبني التقنيات الحديثة وتعزيز الأمن السيبراني .

وقد عمل المجلس الأعلى للمرأة على ربط "مــبادرة التــوازن بين الجنـــسين في مــجـال عــلـوم المستقـــبل" بأجندة وأهداف التنمية المستدامة 2030، وذلك في إطار حرص المجلس على موائمة خططه وبرامجه مع الرؤى الوطنية وخطط العمل الدولية على حد سواء من جهة، واستكمال ما اتخذته مملكة البحرين من خطوات واضحة لتحقيق هذه الأهداف ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالمرأة من جهة أخرى، وذلك لاستثمار مضمون ومخرجات هذه المبادرة في متابعة التزامات الدولة تجاه الأجندة الأممية.

يوم المرأة البحرينية 2021

وتكللت الجهود الاستباقية الداعمة لتقدم المرأة بأن يكون الاحتفال بيوم المرأة لهذا العام تحت رعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، حيث يحتفي المجلس الأعلى للمرأة هذا العام (٢٠٢١) بمناسبة يوم المرأة البحرينية والمتزامنة مع مرور ٢٠ عاماً على تأسيسه كصرح وطني معني بمتابعة تقدم المرأة البحرينية والذي التزم طوال تلك الفترة بخطه المؤسسي، وبتفعيله المنظم لاختصاصاته برؤية تستند إلى القيم الوطنية والمبادئ الدستورية المؤدية إلى إسهامات متنوعة وبطموح عالي لجعل مملكة البحرين مركزاً للخبرة وإدارة المعرفة في شئون المرأة ويستهدى به إقليمياً وعالمياً، وذلك بعد أن تفضلت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس حفظها الله، باعتماد موضوع يوم المرأة البحرينية تحت عنوان "المرأة البحرينية في التنمية الوطنية ... مسيرة ارتقاء في وطن معطاء"، وتتزامن هذه المناسبة المهمة مع الاحتفاء بالذكرى العشرين لميثاق العمل الوطني.