في جميع دول العالم لم تتعرض صحافتها الورقية لأي تغيير أو خدش بمكانتها العريقة والتي تميزت من عشرات السنين بأنها المرآة الحقيقية لتنوير المواطنين واطلاعهم على كل شؤونهم السياسية والمحلية والاقتصادية والرياضية وكانت الصحف الورقية بمثابة حجة استحكام أو بمعناها العامي صك ملكية يحصل عليه المواطن يومياً بتكاليف زهيدة رغم الجهد الكبير الذي يبذله بداية من رئيس تحرير الصحيفة ثم نواب الرئيس ومدراء التحرير كل فيما يخصه إلى المحررين في كل شأن ثم يأتي دور الصف والفوتوغرافيا ثم المطبعة حتى تخرج لنا صحيفة مكونة من عدد من الصفحات يستطيع القارئ أن يقرأ صحيفته من أول ورقة حتى آخرها.

وبذلك هي ليست مجرد اطلاع على مجريات الأمور فحسب بل هي ثقافه متنوعه تجعل القارئ على اطلاع بما يجري في الكون، فمثلاً في بريطانيا يخرج الفرد من منزله في الصباح الباكر ويتوجه إلى أقرب كافيه ويأخذ كوباً من القهوة ويتناول صحيفته من صندوق بيع الصحف ويضع ثمنها في نفس الصندوق ويتوجه إلى أقرب مكان يستريح فيه يحتسي قهوته ويستمتع بتفحص أوراق صحيفته ويقرأها من أول حرف حتى آخر حرف، وكذلك في جميع دول العالم المتحضر، لم تتعرض الصحف الورقية لأي خطر، ولكن ومع ظهور ما يسمى بالسوشل ميديا والتي تريد من خلالها تحويل الصحافة الورقية إلى رقميه إنما هي قضاء على صحافة الفكر والرأي والأدب وجميع أنواع الثقافات.

الصحافة الرقمية من أين وكيف أتت ومن هم أبطالها هم في الواقع ليسوا صحفيين ولا إعلاميين وليس لهم علاقة بالصحافة الحقيقية، إنما هم يريدون الدخول إلى عالم المشاهير من حيث عرض إنتاجهم وترويج صورهم بمبالغ خيالية وهي في الواقع ما هي إلا تجارة من النوع الرخيص وهنا يجب على وزارات الإعلام أن تتدخل وبسرعة لحماية صحافتنا الورقية التي خدمت ولا تزال تخدم المطلع بنوع من الاستمتاع ببلده وتصفح الجريدة والاستمتاع بقراءتها.

* كاتب ومحلل سياسي