الانطلاق من الشك هو أساس العمل السياسي، فالآخر - سواء كان دولة أو مؤسسة أو فردا – لا يمكن أن يخبرك عن غاياته من أي تحرك يقوم به أو مشروع يعمل على تنفيذه أو قرار يتخذه، لهذا صار لزاماً أن تشك في كل ذلك وأن تتعامل معه من هذا المنطلق، حيث الآخر لا يمكن أن يقدم مصلحتك على مصلحته، فمصلحتك لا تعني له شيئاً إلا من باب أنه طريق لتحقيقه مصلحته. لهذا ليس بمستغرب تراجع هذا الآخر عن أي اتفاق أبرمه فور أن يتبين له أنه لم يحقق مصلحته أو أن الظروف تغيرت وصار لا يخدمه بالكيفية التي كان يأمل.

ولأن الشك هو أساس منهج المشتغلين بالسياسة لذا كان من الطبيعي أن تطالب دول مجلس التعاون الأطراف ذات العلاقة بالاتفاق النووي الإيراني التي تتفاوض في جنيف أن تضع في حسبانها «كافة المخاوف الإقليمية والدولية من البرنامج النووي الإيراني» وهو ما حرص على قوله وزير الخارجية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني خلال مشاركته في جلسة الإحاطة المنظمة من قبل وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بين دول مجلس التعاون والمبعوث الأمريكي الخاص لإيران عبر الاتصال المرئي أواخر الأسبوع الماضي. وهذا يعني أن الاتفاق الذي قد تتوصل الولايات المتحدة وإيران إليه يجب أن يتوفر معه أيضاً ما يزيل مخاوف وشكوك دول المجلس كي تتعامل مع المتغيرات وهي مطمئنة وكي يتمكن طرفا الاتفاق من تنفيذ بنوده من دون معيقات.

رسالة وزير الخارجية التي صاغها في عبارة دبلوماسية يفهمها كل ذي علاقة بالاتفاق ملخصها أن مملكة البحرين ودول مجلس التعاون تأمل توصل الدول الأطراف إلى تطور ملموس في مفاوضات جنيف يعود نفعه على كامل المنطقة ولكن يهمها أيضاً ألا تتضرر منه وأنها لهذا تقدر خطوة الخارجية الأمريكية بإطلاعها على جوانب مما يدور في المفاوضات وتقدر تفهمها لحالة الشك التي تنتابها لتطمئن على حاضرها ومستقبلها.