ياسمينا صلاح

عبر أطباء واختصاصيون عن معاناتهم الشخصية في أثناء جائحة كورونا "كوفيد 19"، مبينين أهمية تقديم مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية وحياتهم الاجتماعية والنفسية.

وأكدوا اعتزازهم وفخرهم بخدمة الوطن وحرصهم على التواجد وقت الأزمات، لافتين إلى أن الجائحة سلبتهم التواجد مع أهلهم وأسرهم حتى تستطيع البحرين أن تتخطى هذه الأزمة قريباً.



وقالت اختصاصية مختبرات بتول العلوي إن من أكبر الصعوبات العمل المتواصل لمدة قد تزيد عن 15 ساعة في اليوم ولا أستطيع أن أطمئن على أطفالي وخصوصاً أن لدي طفلة منذ بداية الجائحة كانت تبلغ سنة والطفل في هذا الوقت يحتاج كثيراً من الرعاية والاهتمام، ولكن نظراً إلى ما واجهته من صعوبات في العمل وخصوصاً في بداية الشهور لم أستطع أن أراهم فترات طويلة، ولأن أعمارهم صغيرة جداً كان من الصعب جداً أن أتواصل معهم أو أتواجد كثيراً بجانبهم.

وتابعت: "كنت أعود إلى المنزل في وقت متأخر فلا أراهم وكان يوجد كثير من الصراعات لأنه كان هناك تقصير من الناحية الاجتماعية حتى إنني لم أر ابنتي تخطو خطواتها الأولى ما أثر علي، ولكن تبقى الأولوية للوطن ولم أندم لحظة على ما قدمته من عمل إنساني تجاه وطني بل أعتز وأفتخر بذلك وأتمنى أن نتخطى هذه الأزمة قريباً، والله يبعد الشر عن البحرين.

وأضافت أن من الصعوبات التي تواجهها الآن هو ظهور الفيروس المتحور؛ لأنه شديد الانتشار وتبقى نسبة التعافي أكبر من عدم أخذي التطعيم وعدم تطور الحالة للأسوأ، منوهة إلى ضرورة الالتزام بكل ما يقدمه الفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا، لذلك يجب الحرص الشديد.

وقالت مشرفة التمريض مريم سبت إن من أصعب الأمور التي واجهتها في جائحة كورونا هي بعدها عن أطفالها، فمنذ بداية الجائحة عملت في مركز المعارض ولم أر أطفالي أو أسرتي مدة 6 أشهر خوفاً عليهم وعلى سلامتهم وكانوا متواجدين مع والدي ووالدتي.

وتابعت: "كنت أنا في منزل بعيد عنهم وكان التواصل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وكان من الصعب عدم رؤيتهم والتواجد معهم وخصوصاً في فترات امتحاناتهم وفجأة دون سابق إنذار نكون مضطرين إلى البعد عنهم، وأسأل الله أن يزيل الوباء في أسرع وقت وتعود البحرين آمنة وسالمة من كل سوء".

كما قالت اختصاصية مختبر ن، ج أنا في بداية جائحة كورونا "كوفيد 19" كنت قد ولدت طفلي الصغير وكانت معاناتي في كيفية الاعتناء به والذهاب إلى العمل، وخصوصا أنه رضيع يحتاج للعناية أكثر من أي شخص آخر فكان خوفي شديداً عليه، بالإضافة إلى خوفي على والدي ووالدتي لما يعانون من أمراض مزمنة.

وأضافت: "شعرت بانعدام الحياة الاجتماعية وكانت هناك معاناة نفسية وصراع كبير، حتى إن أطفالي كنت أحاول قدر المستطاع التواجد معهم حتى لا يتأثروا نفسياً؛ لأن أعمارهم صغيرة جداً، ولم أستطع مساعدتهم كثيراً بسبب ظروف عملي".

وأوضحت: "العمل كان من دون أي إجازة ومتواصل حتى إننا قد نظل في أماكن العمل إلى وقت متأخر وفي أيام شهر رمضان كنا نتناول وجبة السحور في العمل، ولكن يبقى هذا فخراً ووساماً أعتز به، وعلى الرغم من التعب والمشقة فإنني أشعر بالقوة لأني خدمت في "ديرتي البحرين " ولم أتردد لحظة واحدة في الذهاب للعمل أو عدم القيام بواجبي تجاه وطني في هذا الوقت الصعب الذي تمر به البلاد، والوطن يستحق أن نتواجد من أجله".

وأشارت إلى أن التقصير لم يكن من الناحية الاجتماعية فقط، ولكن كان أيضاً على نفسي؛ فقد بدأت بالشعور منذ فترة بتعب وبسبب تواجدي المتواصل في العمل والسهو فيه اكتشفت منذ يوم 23-5 مرضي بسرطان الثدي وتم تشخيص حالتي بذلك، وكان إجبارياً أن أترك العمل وأبدأ مرحلة العلاج، وهذا ما أثر على نفسيتي؛ لأنني أخدم في وزارة الصحة منذ عشر سنوات ومعظم وقتي كان في العمل ولم أرد أن أترك الخدمة ولكن يبقى قضاء الله وقدره وكل ما يحدث خير وسوف تكون هذه مرحلة علاج قصيرة بإذن الله وتنتهي.

فيما قال رئيس أطباء مقيمين في وحدة الأمراض المعدية في قسم الطب الباطني بمجمع السلمانية الطبي د. أحمد سلمان العلوي :أقوم بالإشراف على مجموعة من المرضى المصابين بكورونا في مجمع السلمانية الطبي، وفي تاريخ 8 مايو أصيب عمي بالتهاب في الجهاز التنفسي بسبب فيروس كورونا وأدخل إلى المستشفى الدولي وكانت حالته في تحسن وقد تحدد تاريخ 18 مايو يوم خروجه من المستشفى لاستكمال فترة العزل في المنزل ولكن حالته بدأت بالتدهور في نفس اليوم ونزل الأوكسجين فتم نقله لاشتداد حالته إلى المستشفى العسكري لخطورة وضعه.

وتابع ولكن لم تتحسن حالته و في تاريخ 24 مايو وصلني خبر وفاته في الساعة الـ9:00 صباحاً، وتأثرت كثيراً لوفاته؛ حيث إنه كان أحد الأشخاص الذين كانوا سبباً في دراستي الطب، لقد كان عمي محمد هاشم العلوي أحد رواد الصيدلية في البحرين، حيث كان أسس قسم الصيدلية في مستشفى السلمانية آنذاك نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.

وأضاف: وبسبب وفاته فكان لي الحق في إجازة وفاة 3 أيام ولكني تنازلت عن أحد الأيام لأكون مناوباً مع زملائي كأحد أفراد الصفوف الأمامية لعلمي بما يشكله غيابي من عبء نفسي وجسدي على زملائي وكان يوم مناوبتي هو يوم دفن عمي ولم أستطع الحضور، وهذه الجائحة أفقدتنا التواجد مع أهلنا وأصحابنا وكذلك سلبتنا حق توديع موتانا.