أ ف ب


قضت محكمة سويسرية، الجمعة، بسجن مجرم الحرب الليبيري السابق أليو كوسياه لمدة 20 عاماً في محاكمة تاريخية هي الأولى التي يدان فيها ليبيري بارتكاب جرائم حرب خلال النزاع الأهلي في بلاده.

ودانت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية أليو كوسياه (46 عاماً) بارتكاب فظائع أبرزها القتل والاغتصاب، وتجنيد أطفال خلال أولى الحربين الأهليتين في ليبيريا، اللتين أدتا إلى سقوط حوالي 250 ألف قتيل بين عامي 1989 و2003.

والحكم الذي أصدرته المحكمة في مدينة بيلينزونا (جنوب) هو الأول بحق مواطن ليبيري يدان بارتكاب جرائم حرب خلال النزاع.


ودين كوسياه الذي كان ينفي التهم الموجهة إليه بارتكاب سلسلة من جرائم الحرب عندما كان قائد "الحركة المتحدة لتحرير ليبيريا من أجل الديمقراطية"، بـ21 من أصل 25 تهمة، بينها الأمر بقتل 17 مدنياً، وجنديين غير مسلحين أو المشاركة فيها.

كما أدين بارتكاب جريمة الاغتصاب ونشر جنود أطفال والأمر بعمليات نهب وبمعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة للمدنيين، وحكم عليه بالسجن عشرين عاماً، لكنه أمضى أكثر من 6 سنوات ونصف سنة معتقلاً، وهي مدة ستحسم من العقوبة، كما أمرت المحكمة بطرده من الأراضي السويسرية لمدة 15 عاماً.

وكان كوسياه استقر في سويسرا عام 1998 قبل أن يتم توقيفه عام 2014، وقد بدأت محاكمته في ديسمبر الماضي.

ملاحقات في الخارج

وتعترف سويسرا بمبدأ العدالة العالمية، ما يسمح لها بمحاكمة الأشخاص الذين يشتبه بارتكابهم أبشع الجرائم الدولية، بغض النظر عن مكان وقوعها.

ونظرت المحاكم السويسرية في قضايا دولية عدة، لكن قضية كوسياه هي الأولى المتعلقة بجرائم حرب دولية، تنظر فيها محكمة سويسرية غير عسكرية.

وقال المحامي المتخصص في قضايا حقوق الإنسان آلان فيرنر وممثل أربعة من المدعين السبعة في القضية في تصريح لوكالة "فرانس برس":"هذا (حكم) تاريخي".

وأضاف:"هذا أول حكم في سويسرا حول جريمة حرب أمام محكمة فيدرالية، وهو الأول في ليبيريا، إذ لم يصدر سابقاً حكم إدانة أو تبرئة بحق ليبيري على خلفية جريمة حرب".

من جهتها، قالت نائبة مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بلقيس جراح، إنه "من خلال كسر جدار الإفلات من العقاب، يمثل هذا الحكم خطوة كبيرة إلى الأمام للضحايا الليبيريين والنظام القضائي السويسري".

الحرب الأكثر دموية

وتعتبر الحرب الأهلية في ليبيريا من بين الأكثر دموية في القارة، وقد شهدت مجازر ارتكبها غالباً مقاتلون مخدرون، إضافة إلى تشويه أعضاء وعنف جنسي وحتى وقائع أكل لحوم بشرية.

وفر معظم قادة المجموعات المختلفة من البلاد بعد انتهاء الحربين في 2003، لكن بعد أكثر من 15 عاماً، ما زال العديد من المسؤولين في ذلك الوقت يشغلون مناصب، ويتمتعون بنفوذ سياسي واقتصادي في البلاد.

وظلت غالبية التوصيات الواردة في تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الذي نُشر في عام 2009 حبراً على ورق، بحجج أبرزها الحفاظ على السلم.

وكان قد دين تشارلز تايلور، زعيم الحرب الذي صار رئيساً بين عامي 1997 و2003، في عام 2012 بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على خلفية فظائع ارتكبت في سيراليون المجاورة وليس في بلده.

وفي فبراير بدأت في فنلندا محاكمة زعيم الحرب السابق جبريل ماساكوي، المتهم بارتكاب جرائم حرب، وعدد كبير من الفظائع أثناء النزاع في ليبيريا، قبل نقل مقر المحاكمة بشكل غير مسبوق إلى الأراضي الليبيرية، ثم عقد جلسات استماع لشهود في فريتاون عاصمة سيراليون، كما أحيل زعيم الحرب السابق كونتي، المتهم بارتكاب أعمال تعذيب، إلى محكمة الجنايات في فرنسا.