بعد انقضاء ما يقارب من شهر، شهدنا من جديد تراجع أرقام الإصابات وبدء عودة الأمور إلى نصابها في كثير من مناحي الحياة، فمنذ منتصف شهر مايو ارتفع القلق لدى المجتمع كلما ارتفعت أعداد الإصابات المقرونة بأعداد الوفيات غير المسبوقة في اليوم لدينا.

عشرات الوفيات نتيجة الفيروس ونتيجة عوامل إضافية، منها الاستهتار ومنها بعض التراخي. هذا التراخي الذي كان من الطرفين، طرف الجهات الرسمية وطرف المجتمع.

فلا يمكن وضع اللوم على طرف والتهرب من المسؤولية، يجب أن نكون أكثر واقعية ومصداقية ونعترف بالأخطاء التي حدثت وأن نتعلم منها ونبني عليها الخطوات القادمة.

المجتمع ومن فيه لا يحبون أن يقال إن التقصير والاستهتار كان من ناحيتهم، ويفضلون توجيه اللوم على الجهات الرسمية، بعدة ذرائع، منها التأخر في أخذ قرار إغلاق الرحلات الجوية بين البحرين وبين الدول التي ظهر بها الفيروس المتحور، اختيار أنواع من اللقاحات لا تزال غير معترف بها في بعض الدول.

وفي رأيي البسيط، بأن المجتمع لم ينصف الجهات الرسمية في النقطتين، الأولى بأن الخلل أو التقصير في وقف الرحلات من بعض الدول لم يكن السبب الرئيسي في انتشار المتحور «دلتا»، والدليل ما تداولته وسائل إعلام الدول التي سبقت البحرين في الإغلاق وأخذ تدابير المنع بأن المتحور دلتا وصل إليها رغم التشديد والمنع، فأمر وصول الفيروس المتحور لم يكن سوى مسألة وقت، كما حول حال العالم.

وعن اختيار اللقاحات، بالعودة إلى الأخبار قبل 2021م يمكن للجميع التأكد بأن البحرين حرصت على توفير اللقاحات لمواطنيها والمقيمين على أرضها، فور توفر اللقاحات، وكل من كان متابعاً يدرك أن لقاح «فايزر ومودرنا واسترازنكا» لم تكن متاحة وقت اعتماد اللقاح الصيني «سينو فارم»، والذي بدأ العمل به فور اعتماده بعد التجارب السريرية.

وهنا لا بد من أن نذكر هذه النقطة بإنصاف، بأن الدولة كانت حريصة على توفير جميع اللقاحات المعتمدة فور توفرها.

ومن ناحية مسؤولية المجتمع، يجب أن نعترف ونقول بأننا جزء مما حدث وطرف فيه. فمن كان ينشر تلك الرسائل التي منعت الكثير في بداية طرح اللقاحات على تجنب أخذها لوجود رقائق إلكترونية ؟ من قال إن اللقاحات مثل فايزر تلعب في التركيبة الجينية وتغير فيها؟ كل تلك الإشاعات كانت سبب في تغيير وتوجيه الرأي العام لنوع معين من اللقاحات! والكل يعلم أن الدولة أتاحت اختيار اللقاح ولم تجبر أحداً على تحديد النوع.

والآن وجب علينا جميعاً أن نتعلم من أخطائنا وتجربتنا المرة وأن نعيد معدل الالتزام والحرص للمستوى الأول، كما لابد أن نكون أكثر قسوة في كثير من الأمور، ويجب أن نستبق الأحداث قبل أن تأتي وتقع الفأس في الرأس.

لذا لابد من استباق عدة أمور قادمة، أولها التخطيط للمناسبات، ومن ضمنها عيد الأضحى، هل سنلتزم؟ هل سنحرص على البقاء في بيوتنا واقتصار الخروج للضرورة؟ الغالبية ستقول نعم ولكن لا أحد يضمن ذلك. لهذا يجب التفكير ملياً من قبل الجهات الرسمية والمجتمع في أخذ خطوات استباقية مثل «حظر الخروج في المناسبات»، أعلم بأن الأمر لا يعجب الكثير إلا أنه الحل كي يلتزم الجميع ويبقى حبل الالتزام مشدوداً لا يرتخي ونعود نلوم بعضنا البعض.