بإصرارها استطاعت التغلب على إعاقتها وأثبتت أن الإعاقة ليست عائقا في تحقيق النجاح وإنما تصنع المعجزات والنجاح ليس للأذكياء وإنما لكل طموح، فقصة نجاحها تبعث على الكثير من الأمل والتفاؤل، ومثال يحتذى به من قبل الجميع، إنها المعلمة أسماء عبد الرزاق آل محمود من المعهد السعودي للمكفوفين استطاعت استكمال الدراسة ضمن الطلبة المكفوفين، حتى تمكنت من الوصول إلى العمل كمعلمة للطلبة بالمعهد.

تقول أسماء في مرحلة الطفولة وتحديداً في السنوات الأولى من عمري كنت ضعيفة البصر ولدي إعاقة جسدية في يدي اليسرى، وكنت أمارس حياتي بشكل عادي كبقية إخوتي ولم أشعر بصعوبة أو معاناة بسبب إعاقتي لأن أفراد أسرتي كانوا دائما بجانبي يساعدونني ويساندونني، وعندما أصبح عمري تسع سنوات فقدت بصري تماما فشعرت أن الحياة صعبة، أغلب وقتي أجلس بصمت وقليلة الحركة ولا أمارس أموري إلا بمساعدة الآخرين.

وأضافت: "لم يسبق لي أن دخلت رياض الأطفال أو مركزا تعليميا فالمعهد السعودي البحريني للمكفوفين أول مرحلة تعليمية، واعتبرها أجمل مرحلة عشتها في حياتي، فقد تعلمت الكثير وأهمها كيفية الاعتماد على النفس والثقة دون خوف أو خجل، فلن أنسى كل معلم ومعلمة وقفوا معي في كل المراحل الدراسية وتشجيعهم الدائم من أجل الاستمرار والنجاح والتفوق، إلى جانب تيسيرهم لي جميع طرق التعلم وأصبحت أمارس وأواكب الحياة التي نعيشها، حيث إنهم وفروا لي الكتب الدراسية مطبوعة بلغة برايل ووسائل تعليمية تناسب الكفيف وتساعده في الفهم، علاوة على توفير حواسيب مزودة ببرامج ناطقة سهلت لنا التعلم والقراءة ولنعتمد اعتمادًا كليا على أنفسنا".



وأردفت: "لم يكن المعهد حضنا تعليميا وحسب بل كان يهتم بمواهبنا على جميع الأصعدة كمجال الموسيقى والأناشيد الوطنية والفنية والرياضية، ولقد سنحت لي الفرصة بالمشاركة في الفعاليات والمناسبات الوطنية، وكذلك ينظم رحلات إلى المدارس بهدف اندماج المكفوفين في المجتمع وكانت وزارة التربية والتعليم شديدة الحرص على إشراك المكفوفين في جميع أنشطتها باعتبارهم أفرادا فاعلين في المجتمع".

وتقول: "أكملت الدراسة في المعهد حتى المرحلة الإعدادية ثم انتقلت إلى المرحلة الثانوية ضمن تجربة الدمج وكانت تجربتي في الدمج تجربة استثنائية غيرت شخصيتي كثيرًا وجعلتني أتخلص من خجلي ومن مواجهة المجتمع وأن أواجه نقطة ضعفي وهي الخوف من نظرة المجتمع لي، وأكسبتني علاقات جميلة جدًا مع الطالبات في المدرسة وشاركتهم جميع الأنشطة المدرسية ويعد نجاحي ثمرة من ثمار سياسة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة التي تطبقها وزارة التربية والتعليم بكل احترافية في المدارس الحكومية".

وأضافت: "ثم انتقلت فيما بعد إلى المرحلة الجامعية والتي أسميها مرحلة التحدي والإصرار، لأنني بذلت فيها جل طاقتي ومقدرتي من أجل الشهادة الجامعية التي لطالما حلمت بها وبالتوكل على الله تخطيت جميع الصعوبات".

وقالت أسماء: "ثم جاء الوقت في أن أرد الجميل لتلك الأيادي التي احتوتني لأعود إلى المعهد السعودي وأكون المعلمة التي تترك الأثر الطيب في نفوس الطلاب وتساندهم لتغيير أنفسهم ليكملوا حياتهم بهمة وعزيمة ملبية واجبها الوطني في أن تجعل حب العلم في نفوس الطلاب أجمع وغرس القيم الحميدة فيهم".