أكد وكيل الوزارة للشئون الإسلامية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الدكتور فريد بن يعقوب المفتاح أن ما تمر به الأمة اليوم من أحداث وما تواجهه من تحديات ومتغيرات يستلزم وقفة اعتبار مع أحداث السيرة العطرة لاستلهام الدروس والعبر، لافتاً إلى أن في رحلة الإسراء والمعراج من العبر ما لو تأملناه لاتخذناه سبيلاً إلى تقوية إيماننا، وترسيخ وحدتنا، وتحقيق ألفتنا، لنجتاز المصاعب والمحن ولننطلق إلى فضاء مفعم بالإيمان واليقين والأمل، مستبشرين بغد ومستقبل مشرق يعود بالخير على الأمة العربية والإسلامية.
جاء ذلك خلال احتفال المملكة بذكرى ليلة الإسراء والمعراج، إذ أقيم الحفل بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبتنظيم من إدارة الشئون الدينية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، بحضور عدد من أصحاب الفضيلة والسماحة المشايخ والقضاة، وعدد من أصحاب السعادة السفراء ورجال السلك الدبلوماسي، وجمع من المواطنين والمقيمين.
وقال الدكتور المفتاح: "إننا وفي ظل الأحداث المتلاحقة لنؤكد أننا دعاة سلام لكننا أيضاً أصحاب رسالة مضمونها وغايتها نشر الحق والعدل والمحبة والسلام في العالم أجمع، فنسأل الله تعالى أن يوفق قادتنا وولاة أمورنا في دفاعهم عن أوطانهم ودفع عدوان المعتدين وتأكيد الأمن والاستقرار لدولنا وشعوبنا، ونحن إذ نؤكد التفافنا حول قيادتنا ودعم قراراتهم الهادفة إلى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وإعادة الحقوق المغتصبة إلى أصحابها، لنؤكد دعمنا لتوجه قادتنا نحو كل ما يعزز أمن واستقرار المنطقة والعالم وتحقيق السلم والسلام والأمن والاستقرار لكل الناس".
وأشار المفتاح إلى أن لكل مجتمع أولوياته وأهدافه ورؤيته، ومجتمع المسلمين معلومة أولوياته وأهدافه، ورؤيته واضحة، فرضاء الله تعالى واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم أولى أولويات كل مسلم، ثم العمل على تحقيق أمن المجتمع، وتأكيد الأواصر والأخوة والنظر بإيجابية وتفاؤل إلى كل ما يحدث، والوقوف على كل ما يحقق للأمة والمجتمع والوطن أمناً وسلاماً ورخاءً واستقراراً.
وأوضح وكيل الشئون الإسلامية بأن هذا اللقاء الإيماني جاء لنستذكر حدثاً تاريخياً معجزاً، كان ولا زال منعطفاً فارقاً في تاريخ الأمة الإسلامية والعالم بأسره، إذ أنه حدث غيّر وجه الأرض وتحوّل به خط الزمن ليتجه نحو بناء حضارة إنسانية عالمية جديدة، قاعدتها الإيمان بالله تبارك وتعالى، ومنهجها القيم الأخلاقية الراقية، وأعمدتها العدل والحق والمساواة، وأغصانها وثمراتها أخوة بشرية ولحمة إنسانية تتخطى حدود الزمان والمكان.
وقال المفتاح: إن وقفتنا مع دروس الإسراء والمعراج تأخذ بنا إلى المزيد من الثقة فيما عند الله تعالى من توفيق وتأييد وتمكين، وتثبت فينا اليقين بأن مع العسر يسراً، وأن الفرج رديف الشدة وأن قادم الأيام أفضل بإذن الله تعالى لجميع البشرية والإنسانية، وأن ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من محن لهو اختبار وابتلاء ليضعها على بداية طريق تحضرها ومجدها، وأنه لا يأس ما دام أن الله تعالى هو مالك الملك ومدبر أمر هذا الكون.
وتابع: إن مشهد اجتماع الأنبياء بالأقصى وصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم جميعاً والتقائه بهم في السموات دلالة واضحة المعالم على وحدة ما جاء به الأنبياء وقرب شرائعهم، وهو ما يؤكد للإنسانية وحدتها وأخوتها وتقاربها، وأن دين الله تعالى للخلق إنما هو رسالة أخوة ومحبة وسماحة وسلام.
ودعا الدكتور فريد المفتاح إلى الأخذ من سيرة وهدي نبينا صلى الله عليه وآله وسلم سراجاً يضيء الطريق نحو غد أفضل مشرق، نحو عالم يظله السلام وينعم بالأمن والأمان والتسامح والاستقرار نحو أسرة بشرية تتعايش بالقيم الإنسانية الحضارية السامية، في ظل أخوة إنسانية تتخطى حدود الزمان والمكان.
من جانبه أكد رئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية فضيلة الشيخ القاضي راشد حسن البوعينين أنه من الواجب على الأمة الإسلامية وهي تعيش ذكرى هذه المعجزة الغالية أن تستحضر أموراً هامة في حياة الإسلام والمسلمين، تستخلصها من مجريات ما وقع ليلة الإسراء والمعراج، فالإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بين المقدس إنما هو دليل قاطع على أحقية المسلمين بالقدس الشريف مهد الأنبياء والأولين، ومبعث كثير من الرسل السابقين، وهو دليل أيضاً على ما لهذا البيت من مكانة سامية عند الله عز وجل، وهذه المكانة التي خص بها المسجد الأقصى هي التي يجب على المسلمين اليوم أكثر من أي وقت مضى استحضارها في رحاب الإسراء والمعراج ليزيلوا عنهم غبار الوهن وليتخلصوا من داء الغثائية وليجمعوا أمرهم على كلمة سواء، تكون بإذن الله تعالى بداية لتحرير القدس الشريف من قبضة الصهاينة الغاصبين.
وتسائل البوعينين قائلاً: هل نستحضر ذكرى الاسراء والمعراج دون استحضار الفطرة الإسلامية التي فسدت بالزيغ والانحراف عما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ولأمته؟، حيث أن كل روايات الإسراء والمعراج تؤكد اختيار النبي صلى الله عليه وسلم شرب اللبن بدل الخمر والماء والعسل المقدم له من لدن أمين الوحي جبريل عليه السلام، وكل الروايات تدل على اختيار النبي الفطرة السليمة الصحيحة لأمته.
وأضاف البوعينين بأن من جملة ما ينبغي استحضاره في هذه المناسبة أنه في فلسطين وتحديداً في المسجد الأقصى، أم رسول الله ليلة أسري به من سبقه في حقل النبوة والدعوة وحمل مشعل الرسالة الربانية، فكان بذلك أخيرهم وإن كان آخرهم، وكان أفضلهم على الإطلاق وإن كان خاتمهم في البعثة والرسالة، وفي إمامته للأنبياء والمرسلين إمامته لأمته على باقي الأمم وفي خيريته وأفضليته، خيرية وأفضلية لأمته بين الأمم والشعوب.
وقال: إن استحضار ذكرى الإسراء والمعراج وغيرها من المعجزات الربانية التي أبهرت العقل وأخضعته لمنطق التسليم الواجب، ينبغي ألا يتخذ طابع الاحتفال بها أو الاحتفاظ بها في مكنون الصدور، بل يجب أن يتعداها إلى الذكر والتذكر والاعتبار والتبصر في كل الجوانب الخاصة والعامة المتعلقة بها في سياقها ولحاقها في دلائلها وعبرها وإشاراتها الخفية ومراداتها ومقاصدها، فإن أمة لا تذكر ما فيها ولا تعتبر بما جرى فيها من معجزات ولا تبصر في الذكرى غير رسم الذكرى، حري بها أن تبقى لصيقة بركب المتأخرين المتخلفين.
إلى ذلك تحدث سماحة الشيخ فاضل حسن فتيل الواعظ بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، موضحاً بأن حادثة الإسراء والمعراج نزل فيها قرآناً يتلى مادامت الأرض والسماء حيث قال الله عز وجل ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير )، فبدأ الله تعالى بتنزيه نفسه في هذه الآية المباركة بقوله "سبحان" وهي كلمةٌ تفيد التنزيه عن النقص والعبثية ليبين ان الإسراء بالنبي محمد صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمْ هو من أعظم الكمالات والمعاجز لنبينا الكريم ومن اكبر الآيات للقدرة الإلهية والهيمنة الربانية.
وأوضح فتيل بأن الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يبين الرابط القوي بينهما وانهما مسجدان لملّةٍ واحدة ومكانانِ لمعنى واحد فكلاهما دار عبادةٍ لربٍ واحد وليؤكد تعالى على استحقاق النبيّ الأعظم صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمْ وأمتِه لهذين المسجدين الشريفين زادهما الله شرفا.
وقال فتيل: ونحن إذ نحتفل بمعجزةٍ من معاجز نبينا الكريم صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمْ ينبغي لنا الاقتداء والتأسي بهذا النبي العظيم في خُلقه وتواضعه وحلمه وتفانيه، في رفع الأذى عن الناس وإبعادهم عن طريق الشيطان وتزهيدهم في حطام هذه الدنيا الفانية، متسائلاً: ماذا يريد منا محمدٌ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمْ؟؟ يريد منا أن نرص صفوفنا وننبذ خلافاتنا وراء ظهورنا ونقف صفاً ضد من يريد تمزيق وحدتنا وتضييع مكتسباتنا والزج ببلدنا الآمن في خضم المشكلات والفتن.