في صغرنا، كنا نرى الأعداء في الرسوم المتحركة على أنهم أشخاص بأشكال غريبة وقبيحة، يختلفون عنا في الكثير من الأمور، وتستطيع تمييزهم مباشرة ودون تعب، وعندما كبرنا، وجدنا أن الحقيقة عكس ذلك.

الأعداء وجدناهم أناساً بحديث منمق، وبملابس أنيقة وجميلة، وحديثهم مرتب، بل وبأشكال جميلة أحياناً، ويدعون بأنهم علماء ومختصون في مجالهم، ولديهم تأثير قوي على الناس خصوصاً السذج منهم.

وجدت أن الأعداء، قد تشكل البعض منهم تحت مسمى «وطني»، وهو يضرب بكل منجز ويشكك بكل تصريح رسمي، ويبث الإشاعات على أنها حقائق لا يعرفها الجمهور.

كما وجدت أن البعض الآخر، يدعي بأنه «قومي أو إسلامي» يستغل بعض القضايا لزعزعة الأمن والاستقرار من خلال تأليب الرأي العام، والتحريض على الدولة.

ورأينا أعداء يدافعون عن قضية دون أخرى، وقد حملوا في طيات أجنداتهم أن يظهروا دولنا بمظهر المتخاذل مع قضايا المسلمين، ومثال ذلك ما وجدناه في قضية فلسطين، في حين تخاذل هو ونسي استهداف بيت الله المعمور من أبرهة الحبشي الجديد.

وهناك أعداء على شكل آخر، يمجدون بشكل مبالغ فيه دول أقل مننا بكثير، ويظهرون وكأنها جمهورية أفلاطون الخيالية، في حين أننا متخلفون، والعكس صحيح.

البعض الآخر، وربما هو الأشد خطورة، من يدس السم بالعسل في حديثه، ويضع المسامير في الطريق المعبدة، ليعطل حركة التنمية والتطوير بمسمى «تصحيح الأوضاع»، وهو لا يهدف إلا إلى تنفيذ أجندة دول أخرى لا تريد الخير لنا.

وللأسف الشديد، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تضج بكل هذه النوعيات من الأعداء، والسذج يصدقون كل نطيحة ومتردية منهم، ويعتبرونهم قدوات وأمثلة يجب اتباعها.

ومن وجهة نظري، هؤلاء أشد خطراً على المجتمع من المخربين المباشرين، فعلى الأقل، الإرهابيون يرفضهم المجتمع جملة وتفصيلاً، أما هؤلاء فيتقبلهم البعض ظناً منه أنهم مصلحون، ويخافون على البلد؛ أو مفكرون ويسعون للتطوير.

خطرهم يكمن في بث الروح السلبية في المجتمع، وتسقيط الرموز والإنجازات الوطنية، وخلق فتنة داخلية، وتشكيل رأي عام «متحلطم»، وحينها ينتهي دورهم، ويأتي دور آخرين يستغلون ضعاف النفوس لتقديمهم قربان لأسياد هؤلاء، وضرب دولنا بشكل مباشر.

* آخر لمحة:

أزمة 2011 في العالم العربي كانت درس كبير للجميع، ولكن يبدو أن بعض الأفراد لم يستوعبوه تماماً، وأدعو الله أن لا يقعوا ضحية مجدداً لأجندات تسعى لتخريب دولنا بعد أن تنفسنا الصعداء وتجاوزناها.