بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بمقبرة المحرق، أصدر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه أمره السامي بإطلاق اسم فقيد الرياضة وأخطبوط الكرة البحرينية وأحد رموزها البارزين على مر السنين اللاعب الفذ والمدرب القدير أحمد بن يوسف بن سالمين - الذي فجعت البحرين بوفاته يوم أمس الأول «الاثنين» الثامن والعشرين من يونيو 2021 عن عمر ناهز الحادية والثمانين قضي جلها في خدمة كرة القدم البحرينية عامة، والمحرقاوية خاصة كان خلالها مثالاً للتضحية والتفاني وعنواناً للأخلاق الحميدة والعمل الجاد المخلص، على الشارع المحاذي لنادي المحرق، بيت أحمد بن سالمين الثاني، مبادرة جلالة الملك المفدى، التي تنم عن مدى ما يكنه جلالته من تقدير للمواطنين الأوفياء المخلصين من مختلف القطاعات ومن بينها القطاع الرياضي- لاقت أصداءً إيجابية شعبية واسعة النطاق رغم أنها ليست المرة الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة التي يكشف فيها جلالته عن تقديره لمنتسبي القطاع الرياضي وبالأخص ذلك الرعيل الأول الذي جابه التحديات بعزائم الرجال وكانوا خير سفراء للوطن.

أحمد بن سالمين وأحد من رجال الزمن الجميل الأوفياء الذين أسسوا قاعدة كرة القدم البحرينية تأسيساً صلباً من خلال ما قدموه من تضحيات وما بذلوه من جهود كبيرة للارتقاء باللعبة الشعبية الأولى ولعل تاريخ نادي المحرق العريق وإنجازاته الكبيرة والمتعددة أبرز الشواهد على الدور الكبير الذي لعبه «أحمدي» ورفاقه داخل المستطيل الكروي – حتى قبل أن يتحول إلى مستطيل أخضر – ومن بعد ذلك ما قام به «الأخطبوط الأحمر» من دور بارز في عالم التدريب وبالأخص تدريب فرق الفئات العمرية التي استطاع بن سالمين أن يحولها إلى مصنع تفريخ جعل نادي المحرق يزخر بالمواهب المميزة التي اقتحمت بجدارة قوائم المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها.

أحمد بن سالمين لم يكن مجرد لاعب كرة قدم متميز وهداف بارع ما يزال اسمه مقترناً بدورات كأس الخليج باعتباره صاحب أول أهداف هذه البطولة العريقة، بل كان رمزاً من رموز الكرة البحرينية والخليجية وأيقونة سيظل صداها يتردد في ساحتنا الرياضية مادامت هذه الساحات تنبض بالحياة.

عرفته منذ مطلع ستينيات القرن الماضي عندما كنت في بداية متابعاتي لكرة القدم المحلية متفرجاً صغيراً مع رفاق دربي من عشاق المستديرة الساحرة و لمست في أدائه الولاء والإخلاص للفانيلة المحرقاوية الحمراء التي كان يدافع عنها بكل شراسة وشجاعة متحاملاً على ما كان يواجهه من خشونة المدافعين ومتحدياً إجهاد العمل الشاق عندما كان عاملاً في شركة «بابكو» فينزل إلى الميدان بهمة ورغبة جامحة للفوز مستمداً قوته من هتافات الجماهير التي تنتظر وصوله من العمل بفارغ الصبر ليطربها بفنه الكروي وأهدافه ذات الماركة «السالمينية» المميزة والمؤثرة.

رحم الله «الكابتن» أحمد بن سالمين اللاعب والمدرب والإنسان رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وألهمنا معهم جميعاً الصبر والسلوان وشكراً من الأعماق إلى قائد مسيرتنا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى على مبادرته الملكية التي ستترك أثراً إيجابياً في نفوس كل الرياضيين وفي أرجاء العائلة «السالمينية» التي ما يزال عطاؤها الرياضي يتدفق خدمة لمملكتنا الغالية البحرين..

إنا لله وإنا إليه راجعون.