محرر الشؤون المحلية

أكدت فعاليات وطنية أن محافظة الدولة الخليفية على حدودها واستمرار سيادتها على أراضيها رغم ما دار في المنطقة من صراعات كان دليلاً على قوة الدولة الخليفية وتماسكها.



وبينوا أن محاولات بسط نفوذ القوى الخارجية بمنطقة الخليج العربي كانت تحدياً حقيقياً أثبت مقدرة الدولة الخليفية على بسط سيادتها على حدودها ومواجهة محاولات السيطرة على المنطقة بحنكة كبيرة.

وخلصوا إلى أن استكشاف النفط في البحرين، بوصفها أول دولة خليجية، كان محطة مهمة في العلاقات الاقتصادية الدولية، وتحولت به البحرين على الرغم من التحديات التي صاحبت عمليات الاستكشاف إلى لاعب مؤثر في اقتصاد المنطقة بعد كساد استخراج اللؤلؤ.

وتطرق رجل الأعمال خالد الزياني، إلى ما سرده والده راشد بن عبدالرحمن الزياني في كتابه «الغوص والطواشة»، حيث أشار إلى أن الغواصين من أهالي إقليم الزبارة كانوا يغوصون في هيرات جزر البحرين، وأن الخريطة الملحقة في الكتاب والتي تظهر مغاصات اللؤلؤ في المنطقة تؤكد أن إقليم الزبارة تابع لجزر البحرين.

وبين أن أجداده كانوا من أشهر طواويش اللؤلؤ في البحرين وتوابعها، وكانوا يشترون اللؤلؤ من الصيادين ليتم إرساله إلى الهند حيث معقل الصياغة والحلي، ليعود مرة أخرى ويباع في البحرين وتوابعها.

وأكد الزياني أن عائلتهم كانت توزع منتجات اللؤلؤ في دول المنطقة، وكان لديهم مكتب في العراق لبيع وتجارة اللؤلؤ والحلي، مبيناً أن والده عاصر جيلاً من حكام الدولة الخليفية ووثق تلك المرحلة في كتابه، والتي بينت أن الزبارة كانت إحدى مصايد اللؤلؤ التابعة لجزر البحرين.

واسترجع الزياني أيام الطفولة في الخمسينيات من القرن الماضي، حين كانت المدرسة تنظم رحلات مدرسية إلى إقليم الزبارة، وقال: «مازلت أتذكر حين كنا نزور الزبارة ونشاهد فيها مركز الشرطة الذي يرفرف عليه علم البحرين، لكن بسبب السياسات الخاصة بالمصالح النفطية تم افتعال النزاعات الحدودية على حساب حقائق الجغرافيا والتاريخ».

وبين أن عائلتهم منتشرة في الجزيرة العربية حيث يعود أصلها لمنطقة قريبة من الطائف، ثم انتقل جزء منهم إلى شبه جزيرة قطر مع حكام الدولة الخليفية، واستقروا هناك إلى أن قدموا للبحرين مع بداية انتقال مقر الحكم.

وقال: «إن تجارة اللؤلؤ وتاريخها يبين بجلاء أن حكام الدولة الخليفية هم حكام شبه جزيرة قطر، وجزر البحرين، وأن الأهالي والغواصين كانوا يعملون ما بين البحرين وشبه جزيرة قطر باعتبارهما تحت سيادة حاكم واحد يمثل الدولة الخليفية».

وأكد النائب بدر الدوسري أن البحرين في القرون الماضية كانت بوابة الخير لدول الخليج، فقد كانت أول دولة خليجية يتم اكتشاف النفط فيها وذلك بعد محاولات كثيرة للتضيق على عمليات الاستكشاف لمصالح سياسية اقتصادية.

وأوضح الدوسري أن محاولات إعاقة استكشاف النفط في البحرين كان الهدف منها السماح بتمدد النفوذ الخارجي في المنطقة وبسط النفوذ.

وبين أن سياسة حكم الدولة الخليفية في البحرين وتوابعها كان لها الأثر الواضح في انتعاش التجارة خصوصاً بعد كساد تجارة اللؤلؤ والاعتماد على النفط ومنذ ذلك الوقت اتجه الغواصون والتجار إلى العمل في تجارة النفط واكتسبوا خبرات كبيرة نقلوها إلى باقي مناطق الخليج؛ حيث كان لهم دور بارز في اكتشاف النفط في باقي دول الخليج.

وشدد الدوسري على ضرورة الاهتمام بتدوين التاريخ وبيان ما حققته الدولة الخليفية من إنجازات في تلك الحقبة التاريخية الهامة.

وتطرق النائب غازي آل رحمة إلى أن السياسة الاحتكارية للنفط كانت سبباً في تعطيل عمليات استكشاف النفط في البحرين. إلا أن السياسة الحكيمة لحكام الدولة الخليفية تغلبت على كل التحديات التي شكلت عائقاً أمام عمليات الاستكشاف النفطية.

وأكد آل رحمة أن منطقة الخليج كانت ضحية تحولات دولية في بداية القرن العشرين، ولعل أبرزها الحرب العالمية الأولى وتداعياتها على تقسيم النفوذ في المنطقة، ثم ظهور النفط على الجانب الغربي من الخليج العربي، حيث كانت مدينة عبدان هي أول وأكبر المدن التي تنتجه قبل ظهوره في الخليج.

وقال: «إن حكام الدولة الخليفية استطاعوا أن يحافظوا على حدود دولتهم وتوابعها على الرغم من كل الصراعات التي شهدتها المنطقة وتنازع أكثر من قوة عالمية على حقول النفط».

وعلى صعيد مماثل أشار الكاتب والمحلل السياسي محميد المحميد إلى أن التحولات السياسية في المنطقة كان لها أثر على الدولة الخليفية وسيادتها على شبه جزيرة قطر، حيث كان محور الصراع يدور حول المصالح النفطية في ذلك الوقت، خاصة مع ظهور النفط في دول الخليج بشكل عام والبحرين بشكل خاص، وما مثله ذلك من تهديد لشركة النفط البريطانية الإيرانية في عبدان، والتي كانت المحتكر الوحيد للنفط في المنطقة.

وحول دلالات توقيع الدولة الخليفية اتفاقيات ومعاهدات مع بريطانيا، نوه المحميد إلى الرؤية الحكيمة والثاقبة التي تستشرف المستقبل وتدرك الواقع وتتطلع نحو التطور وتسعى للتقدم والنماء والازدهار لمنفعة الشعب وتعمل في ذات الوقت من أجل الاستفادة من الخبرات الإدارية في بناء وتأسيس المؤسسات وفق متطلبات العصر ومواكبة التغييرات، وقال: «إن توقيع الاتفاقيات والمعاهدات إنما جاء من منطلق سيادة الدولة الخليفية على جزر البحرين وشبه جزيرة قطر».

وأشار إلى أن الدولة الخليفية تمكنت من الحفاظ على سيادتها على الحدود التابعة لها على الرغم من التحديات والصراعات التي عصفت بالمنطقة لبسط النفوذ الخارجي على أراضي الخليج العربي.

ولفت المحميد إلى أن الحاكم في تلك الفترة كان يوازن ما بين مصلحة القبائل وتوفير حماية لصيادي اللؤلؤ، عبر توقيع اتفاقات للسلم مع القوى المتحكمة في المنطقة والقادرة على إيجاد بيئة بحرية آمنة.

وقال: «إن تلك السياسات تبين مدى النظرة الواقعية لحكام الدولة الخليفية لما يجري في المنطقة وإدراكهم للقوى التي تستطيع أن تعقد معها اتفاقيات سلم تحقق المصالح العليا للوطن والمواطن».

إلى ذلك، قالت الكاتبة الدكتورة انتصار البناء: «إن الأحداث التاريخية التي وردت في وثائقي الوطن تبين التحديات التي كانت تحيط بالمنطقة ومحاولات بسط النفوذ الخارجي على منطقة الخليج العربي».

وأشارت البناء إلى أن الدولة الخليفية حرصت على الموازنة بين الأمنين الداخلي والخارجي، من أجل رعاية مصالح الشعب وترسيخ مبادئ العدل، وتوفير الأمن الاقتصادي لتجارة ال لؤلؤ التي كانت عصب الاقتصاد في تلك الفترة وقبل اكتشاف النفط.