شاركت قبل أسبوع مع مركز الإمارات للسياسات في ندوة «خيارات العرب في مواجهة طموحات إيران النووية» وتوصل المتحاورون إلى أن طهران كانت تريد طوال المفاوضات مع مجموعة 5+1 التي أصبحت 4+1 بعد خروج ترامب إلى الوصول إلى مرحلة «العتَبة النووية» وهي حالة البلد الذي يمتلك التكنولوجيا اللازمة لصنع أسلحة نووية بسرعة دون أن يقوم بذلك بالفعل ويسمى أحياناً «خيار اليابان»، حيث تعتبر اليابان دولة «نووية» كونها بلد يتمتع ببراعة تقنية كاملة لتطوير سلاح نووي بسرعة لو أرادت. بمعنى أن يقتنع العالم أن طهران على وشك تفجير قنبلتها النووية فينصاعون لمطالبها برفع القيود عن أموال إيرانية ضخمة تبلغ 36 مليار دولار مجمدة في آسيا وأوروبا وأمريكا، بل وستستمر في تفتيت المطالب الدولية في مؤتمرات فيينا حتى تصل إلى تنازل واشنطن عن شروط كف طهران يدها عن العبث الإقليمي بالجيوش الموازية وبخلق الميليشيات بنفس حماسها في صنع المفاعلات، ثم تتنازل واشنطن عن المطالبة بوقف البرنامج الايراني الكبير لتطوير الصواريخ الباليستية التي ستحمل قنبلتها النووية أو تقصف العواصم الخليجية كما يفعل أذنابها الحوثيون. وعبر العتبة النووية تكون طهران قد حققت كل ما تريد تحقيقه من مكاسب استراتيجية دون أن تفجر قنبلة نووية، أو أن تقر بأنها قريبة من هذا الهدف. المثير في الأمر أن طهران لم تخترع مرحلة «العتبة النووية» بل استعارت البضاعة من الأمريكان وأعطتها مسمى آخر، فما تقوم به طهران ليس إلا سيناريو مكرراً لما اخترعه وزير الخارجية الأمريكي المحنك جون فوستر دالاس صاحب النظريات السياسية الكثيرة التي منها سياسة الاحتواء «containment»، بالإضافة إلى ما نتحدث عنه وهو مصطلح اللعب على حافة الهاوية «Brinkmanship» في عصر إيزنهاور في بدايات الحرب الباردة بين الأمريكيين والسوفيت. وقيل إن دالاس عرّف تحركه بــ «القدرة على الوصول إلى حافة الهاوية دون الدخول في الحرب»، أي التهديد باستخدام القوة النووية إن دعت الحاجة حتى يخاف الخصم ويتراجع.

* بالعجمي الفصيح:

لم تعد طهران بحاجة لمغادرة مرحلة العتبة النووية ضد الغرب والتي هي نسخة مطورة من حافة الهاوية الأمريكية، لكن الفرق أن طهران تحقق مكاسب فيما حققت واشنطن خسائر جسيمة من حافة الهاوية ضد السوفيت.

* كاتب وأكاديمي كويتي