لم يعد خافياً على الجميع اتجاه الدول للتركيز في الاستثمار داخلياً، وفي شعبها، وفي مؤسساتها وبنيتها التحتية، وحتى الأعمال الخيرية لديها.

وهنا في البحرين، نجد أن الدولة بالفعل قد ركزت جميع استثمارتها ومجهوداتها نحو داخل المملكة، بل وتستقطب استثمارات خارجية كبيرة وبمعدلات تفوق المعدلات العالمية، لتحقيق هذا الغرض.

ولكن، حديثي هنا موجه للتجار أنفسهم، وللجمعيات الخيرية ذاتها، ولبعض المؤسسات التي تسقي الغريب وتترك القريب.

للأسف، ورغم أن البحرين تتميز بأنها الأرخص في دول المنطقة بتكاليف التشغيل، ولكن نجد من يذهب ليفتح مصانعه في الخارج، وبتكاليف مساوية أو حتى ربما أعلى، ودون أي مبرر مقبول.

وللأسف أيضاً، نجد من يحول أمواله ليدخرها في بنوك خارج الدولة، رغم متانة ورصانة البنوك البحرينية وأمانها بشكل عام، ومعلوم بأن الادخار جزء من استثمارات البنوك، وتعود بالنفع على الاقتصاد.

آخرون يتبرعون بكل ما لديهم للخارج، ولمساعدة دول أخرى، وهو أمر لا غبار عليه، ولكن كم عائلة هنا تمر بكربة خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الذي فرضته الجائحة عالمياً.

كم عائلة بحاجة لمن يسد متراكمات الفواتير؟ وكم أسرة فقدت جزءاً كبيراً من دخلها لأي سبب كان؟ ونرى مناشداتهم ليقوم أهل الخير بجمع المبالغ لهم، في حين تفتخر جمعيات ومنصات خيرية بأنها قامت بمشاريع مليونية في الخارج.

الأمر ذاته ينطبق على السياحة، وشراء العقارات، والبضائع وغيرها من الأمور الاستهلاكية، لماذا نسقي الغريب ونترك القريب، والأقربون أولى بالمعروف!

وليس ببعيد عنهم، من يوظف ما يسميهم بالخبراء الشقر والبيض والسمر من الأجانب، مقابل رواتب طائلة، وامتيازات هائلة، وعندما يتقدم له بحريني للوظيفة وبمؤهلات وخبرة أعلى، يعطيه أقل راتب ممكن، وتبدأ مرحلة الضغط والتطفيش، ثم يقول «البحريني لا يعمل».

لا أحد ينكر أهمية دخول الأموال من الخارج للداخل، والتبادل التجاري، والاستثمار، ولكن لا يجب أن يفقدنا شغفنا بالخارج تركيزنا على الداخل.

* آخر لمحة:

أمريكا كقوة عظمى، لم تبدأ رحلتها بالخارج إلا بعد أن أصبحت قوة عظمى داخلياً، ولذا، يجب أن نزيد قوتنا الداخلية قبل أن نبدأ بتصديرها خارج المملكة.