محرر الشؤون المحلية

مع تحويل امتياز نفط قطر إلى شركة الامتيازات البترولية المحدودة البريطانية في سبتمبر 1936م شرعت الشركة مباشرة في دراسة وضع منطقة الزبارة لأنها كانت تتطلع للحصول على امتيازات نفطية فيها. لكن الوضع في الزبارة كان مختلفاً، فهي أراضٍ بحرينية صرفة، لذلك كان لا بد لهم من مشاورات مع حاكم البحرين وتوابعها.

وأبدى صاحب العظمة حاكم البحرين وتوابعها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة استعداداته لتقديم التسهيلات اللازمة لفتح ميناء لشركة النفط في الزبارة ضمن رسالة جاء فيها» لقد سمعنا خبراً هو أن شركة امتيازات النفط لديها فكرة عن فتح بندر. فإذا أن الشركة تود أن تفتح البحث معنا في خصوص فتح بندر في مينائنا البحري بالزبارة فإننا نكون مسرورين لنمنح جميع التسهيلات والموافقات».



وعندما علم أصحاب المصالح السياسية في الدوحة أن البريطانيين يتفاوضون مع حاكم البحرين وتوابعها بشأن نفط الزبارة، عزموا على فرض الأمر الواقع، وسخروا لذلك مجموعة من المرتزقة، ومدوهم بالسلاح، وهددوا قبائل الزبارة الموالية للدولة البحرينية، وحاولوا حصارها والضغط عليها، وطلبوا من السكان دفع الضرائب، وهو ما لم يحدث أبداً.

وقد رفض رعايا البحرين في الزبارة كل أشكال الضغط ومحاولات الاحتلال وكتبوا للسلطات البريطانية يؤكدون ولاءهم ومبايعتهم لحاكم البحرين وتوابعها. فقد كتب راشد بن محمد الجبر النعيمي «إننا ومن تبعنا سابقاً تبعاً للشيخ علي بن خليفة ثم إلى الشيخ عيسى بن علي ثم إلى جلالة الشيخ حمد بن الشيخ عيسى بن علي آل خليفة».

ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل رفع 536 فرداً من سكان الزبارة (وهم يمثلون حوالي نصف السكان في ذلك الوقت) رسالة إلى المعتمد البريطاني في الخليج، يؤكدون فيها ولاءهم لآل خليفة. وجاء في نص الرسالة «نعم نحن الموقعون أدناه الساكنون في داخل حدود الزبارة من أكثر من مائة سنة بأننا تابعون لحكام البحرين آل خليفة ولم نكن قط تحت سلطة أي حاكم آخر، أما حدود الزبارة فهي من رأس عشيرج والربيجة وأم الماء والنعمان وحلوان ولشى ومسيكة والثغب إلى راس الحدية والفريحات إلى الزبارة، والحدود المذكورة هي ملك حكام البحرين آل خليفة من الزمان القديم إلى اليوم»

وكان من عوائد حكام البحرين منذ تأسيس الدولة في عهد المؤسس الشيخ محمد بن خليفة الكبير، المحافظة على رعاياهم في الزبارة وعلى مساكنهم وقلاعهم وإجراء الترميمات اللازمة لها في مختلف العهود، وقد أرسل حاكم البحرين وتوابعها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، بالفعل عمالاً لمباشرة الترميمات في قلعة الزبارة.

وفي أثناء ذلك زادت الاعتداءات على رعايا الدولة الخليفية في شبه جزيرة قطر وعلى أهلها ولم تتوقف، وبدأت أعمال النهب والسرقة ومداهمة بيوت رعايا الدولة وحرق أحيائهم لإرهابهم.

ومع تهور المعتدين من أصحاب المصالح السياسية، والمرتزقة، والصمت من قبل أصحاب المصالح النفطية، تمت الدعوة للمفاوضات، وتمت إعاقة أي تدخل من قبل صاحب العظمة لدعم رعاياه في الزبارة، من قبل المرتبطين بمصالح هذه الشركات.

لم يكن صاحب العظمة حاكم البحرين وتوابعها ليضع رعاياه في مواجهة ذلك التهور ويعرضهم للقتل والتشريد، فأمام كل هذه التطورات، وموازنة للأمور، وحفاظاً على أرواح رعايا البحرين في الزبارة، قبل صاحب العظمة الدخول في المفاوضات بشرط تأمين رعاياه ضد أي اعتداء كأولوية قصوى. وجاء في نص الرسالة التي رد بها عظمته على دعوة المفاوضات «إننا نلتمس التأمين على رعايانا الساكنين ضمن حدودنا في الزبارة ... إننا نعتبر مسألة تأمين رعايانا كمسألة لها الأهمية القصوى».