سينيار: إرنست همنغواي كاتب روائي أمريكي حائز على جائزة نوبل ، و قبل ذلك فهو بطل حرب كان رمزاً يحظى بتبجيل و تعظيم الملايين، و لم يكن أحد يشك أن لديه مستقبلاً عظيماً إلا هو، و في أوج عطائه و شهرته وضع أرنست همنغواي حداً لحياته حيث فجر دماغه ببندقية كان والده اشتراها له في سن مبكرة و ذلك في 2 من شهر يوليو 1961، و لم يكن أول من ينتحر في عائلته حيث أن الانتحار على ما يبدو كان متوارثاً إذ انتحر نت قبله والده و عمه و شقيقتاه و من بعده انتحرت حفيدته .
إرنست ميلر همنجواي، من مواليد 21 يوليو 1899، لم يكن فقط مؤلفاً عظيماً، ولكنه كان في نظر الكثيرين رمزاً للرجولة والتمرد كما كان بطل حرب يحب الصيد و الرياضة و لكن الواقع كان غير ذلك حيث أن همنغواي لم يكن سوى رجل ضعيف بدون شخصية، وقد كان رجلاً معقداً فشل في الحب وكان ضحية لإدمان الكحول والاكتئاب وعدداً كبير من الأمراض، وعاش معظم حياته وراء ظله بالرغم من أنه كان شجاعاً و خيالياً و مبدعاً قدم باستمرار قصصاً عن نفسه، و يقول عنه وليام والتون، وهو طبيب نفسي أنه كان مهووساً مكتئباً طيلة حياته،كما أن هناك علامات تشير إلى أن همنغواي كان يعاني من حالة نفسية تدعى ثنائية القطبية حيث أنه كان يستمتع بإيذاء نفسه فكان يُنفق ماله في لعب القمار و شرب الخمر و حياة اللهو و المرح و عاش ثلاث زيجات باءت كلها بالفشل ، كما أنه كان يعاني من صعوبة الاحتفاظ بالصداقات.
كان همنغواي في شبابه طويل القامة، وسيماً، مفتول العضلات، عريض المنكبين، بني العينين، في وقت لاحق من حياته أصبح يعاني من الصداع الشديد، وارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الوزن، ومرض السكري ، و كل مشاكله الصحية كانت نتيجة أفراطه في شرب الخمر.
كان همنغواي يحلم بالانضمام إلى الجيش في شبابه و لكن عيباً في عينه اليسرى ورثه عن والدته حال بينه و بين حلمه ، فتطوع للصليب الأحمر الإيطالي في عام 1918 م، في أواخر الحرب العالمية الأولى، وهناك أصيب بجروح خطيرة أقعدته أشهراً في المستشفى، وخضع لعمليات جراحية كثيرة، وقد تحصل إثر جروحه على رتبة ملازم و وِسام شجاعة ،و أثناء تعافيه وقع في الحب للمرة الأولى من حياته حيث عشق ممرضة الصليب أغنيس فون كوروسكي، و بعد نهاية خدمته في 1919 خطط أغنيس وهمنغواي للزواج في أمريكا لكنه فوجئ بخطبتها لضابط إيطالي، مما سبب له الكثير من الألم عبر عنه في روايته الشهيرة الناجحة وداعاً للسلاح.
دخل همينغوي معترك الحياة المهنية مبكراً، حيث عمل صحفياً بجريدة “كنساس ستار” ، وفي عام 1921 عمل مراسلاً لصحيفة “تورنتو ستار” في شيكاغو، ثم هاجر إلى باريس 1922 م، حيث عمل مراسلاً أيضاً، وأجرى مقابلات مع كبار الشخصيات والأدباء مثل كليمانصو وموسوليني الذي وصفه بأنه “متمسكن وهو أكبر متبجح أوروبي في نفس الوقت”، كما تعرف على أدباء فرنسا حين كانت الحركة الثقافية الفرنسية في العشرينيات تعيش عصرها الذهبي، وكان حاقداً على النساء و المثليين، و لكنه رغم ذلك تمكن من عقد صداقات قوية مع شخصيات أثرت بشكل كبير في حياته، و منهم بيكاسو، و فيديل كاسترو، و جوان ميرو، وخوان جريس، و الشاعر الأمريكي عزرا باوند وجيرترود شتاين، و الكاتب الإيرلندي جيمس جويس.
كان الحزن و الاكتئاب جزءاً من حياة إرنست همنغواي حيث كانت علاقته بوالدته معقدة ، و عندما توفيت في 1951 رفض حضور جنازتها فقد فضل الابتعاد عنها في حياتها و في موتها، و كان عام 1954 حافلاً بالأحداث في حياة همنغواي حيث تعرض لحادثين حتى أن الصحافة أعلنت وفاته فقد تحطمت طائرة كانت تقله هو وزوجته الرابعة في رحلة لمشاهدة معالم الكونغو البلجيكية و في طريقهم لتصوير مورشيسون فولز من الجو، ضربت الطائرة عموداً كهربائياً و تحطمت أثناء هبوطها ، و أصيب همنغواي بجرح في رأسه، بينما كسر ضلعا ماري، وفي اليوم التالي،و في محاولة للوصول إلى الرعاية الطبية في عنتيبي إنتابي، استقلوا الطائرة الثانية التي انفجرت عند الإقلاع، و عانى همنغواي من حروق وارتجاج آخر، و تسبب ذلك في تسرب السائل الدماغي.
كان همنغواي يكره والده وكان يردد أنه جبان وأنه لن يتمكن من وضع حد لحياته، وكان يعتقد أنه مراقب من قبل المخابرات الأمريكية التي كانت تشك في علاقته بالنظام الكوبي، مما ساهم في تفاقم حزنه و اكتئابه و من ثم انتحاره بواسطة البندقية التي كانت هدية من والده و رافقته طيلة حياته.