العربية

اجتمع ممثلون عن الحكومة الأفغانية وطالبان في الدوحة، اليوم السبت، لإجراء محادثات بينما تدور معارك طاحنة على الأرض بالتزامن مع انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بعد وجود دام 20 عاماً.

ويعقد الجانبان محادثات متقطعة منذ أشهر في العاصمة القطرية، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن المفاوضات تتراجع مع تقدم طالبان في ساحة المعركة.

وتجمع عدد من كبار المسؤولين بينهم عبد الله عبد الله رئيس المجلس الحكومي المشرف على عملية السلام ورئيس الحكومة السابق، في فندق فاخر في الدوحة السبت بعد صلاة الفجر. وانضم إليهم مفاوضون من المكتب السياسي لطالبان في الدوحة.

وكان من المقرر أن يلتحق بهم الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي لكنّه بقي في كابول في اللحظة الأخيرة، على ما أفاد مصدر لوكالة "فرانس برس".

وقالت ناجية انواري المتحدثة باسم الوفد الحكومي المفاوض لوكالة "فرانس برس"، إن "الوفد رفيع المستوى موجود هنا للتحدث إلى الجانبين وتوجيههما ودعم فريق التفاوض (التابع للحكومة) لتسريع المحادثات وتحقيق تقدم"، معبرة عن أملها في أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق قريبا.

وتابعت: "نتوقع أن يسرع ذلك المحادثات.. وخلال وقت قصير سيتوصل الطرفان إلى نتيجة وسنشهد سلاما دائما وكريما في أفغانستان".

وكان مصطفى مستور، كبير مستشاري الهيئة العليا للمصالحة الوطنية في أفغانستان، قد أكد أمس الجمعة، أن المباحثات مع حركة طالبان ستبدأ اليوم السبت، وتستمر لمدة يومين، لمناقشة قضايا جوهرية تهدف إلى إحلال السلام في البلاد.

وقال مستور، في تصريحات خاصة لـ"العربية" إن الحركة تسعى خلال المفاوضات إلى تغيير الدستور ونظام الحكم في البلاد.

وأضاف: "هناك وفد مكون من 9 أعضاء من النخبة السياسية اتجه إلى الدوحة للمشاركة في المفاوضات مع طالبان التي ستبدأ السبت وتستمر ليومين للتباحث في قضايا جوهرية وسنرى إن كان الوقت كافيا.. العرض الذي قدم إلى حركة طالبان للقدوم إلى أفغانستان وإجراء المباحثات كون الأمر يتعلق بمحادثات أفغانية أفغانية.. المجلس الأعلى للمصالحة والوطنية ورئيس المجلس دعوا طالبان للتباحث.. لكننا نعتقد أنه في الوقت الراهن هناك رغبة لمناقشة القضايا الجوهرية في الدوحة وهذا ما يهمنا لإحلال السلام في أفغانستان".

يُذكر أن فكرة الحوار مع طالبان، طرحت من جانب الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي في عام 2004 وتبنتها واشنطن في 2009، إلا أن تلك المساعي تعرضت في عدة مراحل لعراقيل بسبب تجاوزات طالبان وانتهت مع واشنطن باتفاق في فبراير 2020. أما المحادثات الأفغانية الأفغانية فقد أعلنت طالبان استئناف المفاوضات مع الحكومة قبل أيام.

عين على الميدان وأخرى على أخبار التطورات السياسية تحديدا تلك التي تدور حول احتمال عودة المفاوضات بين طالبان والحكومة، هو حال الشارع الأفغاني اليوم بانتظار أن تخفف تلك الأخبار ضجيج الحرب التي رافقت هجمات حركة طالبان على مناطق شاسعة في البلاد مستغلة الانسحاب الأميركي.

وعن تاريخ تلك المفاوضات، فهي ليست وليدة اللحظة إذ طرحت عام 2004 من جانب الرئيس الأفغاني آنذاك حامد كرزاي وصلت في 2008 إلى مرحلة إقناع قادة من طالبان لعقد بعض اللقاءات التي أجريت بعضها داخل أفغانستان، لكنها لم تتحول إلى بديل سياسي إلا مع طرح البيت الأبيض في 2009، وعرفت إعلاميا بالاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان.

تبع إعلان تلك الاستراتيجية تأسيس المجلس الأعلى للسلام للإشراف على مشروع الحوار والمصالحة بقيادة الرئيس الأفغاني الأسبق برهان الدين رباني، لكنها توقفت في 2010 بعد اغتيال طالبان لرباني والتي فهمت أنها رسالة سلبية من الحركة تجاه مشروع المصالحة.

وانتهى في فبراير 2020 بتوقيع الولايات المتحدة اتفاقية سلام مشروطة مع حركة طالبان والتي تدعو إلى سحب القوات الأجنبية في غضون 14 شهرا مقابل التزام الحركة بالشروط الأميركية، فيما وتزامنا مع تقدمها على الأرض أعلنت حركة طالبان قبل أيام استئناف المفاوضات مع وفد الحكومة الأفغانية في الدوحة.ورغم اتجاه الولايات المتحدة وطالبان إلى تجاوز هذا الحادث وحصر تأثيره على العلاقات بين نظام كرزاي وطالبان وتحييد تأثيره على الاتصالات بين الولايات المتحدة والحركة إلا أنها تعثرت مرة أخرى.

تراجع قوة طالبان تحت ضغط العمليات الأميركية دفع بقادة الصف الأول في الحركة إلى قبول مبدأ الحوار المباشر سواء مع واشنطن أو مع الحكومة الأفغانية وهو ما بدأ في 2018 في الدوحة.