سعي أي دولة إلى الحصول على معلومات عن «الآخر» حق لا يمكن لأحد أن ينكره عليها. يكفي القول بأنها بهذه العملية تحمي نفسها. ولا بأس أن يكون الآخر هذا دولة أو منظمة أو مؤسسة أو حزباً أو فرداً، فكل معلومة تحصل عليها الدولة عن «الآخر» تفيدها وتشعرها بالاطمئنان.

افتقار أي دولة للمعلومات عن الآخر يعرضها للخطر. تصور أن الدولة التي تنتمي إليها لا تتوفر لديها معلومات عن مجموعة إرهابية تعمل في الداخل أو من الخارج، كيف تكون أحوالها؟ وكيف تكون أحوالك أنت الذي تطالبها بتوفير الأمن والأمان لعيالك؟ هنا لا يهم الاسم الذي يطلق على عملية السعي للحصول على المعلومات عن الآخر.

مهم كذلك ملاحظة أن الآخر هو أيضاً يسعى للحصول على المعلومات عن بلادك، فمن دون المعلومات لا يمكنه التحرك ولا التخطيط. وهذا سبب آخر يؤكد حق الدولة في الحصول على المعلومات عن الآخر، فمن دونها لا تستطيع اتخاذ المواقف.

عملية التجسس ليست جديدة، ومن يقرأ التاريخ يتبين كيف أن الدول والجيوش كانت تعتمد في تفوقها وانتصارها على ما تحصل عليه من معلومات عن الآخر، وإلا كان مصيرها الفشل والهزيمة.

الفارق بين الماضي والحاضر هو أن الدول اليوم صارت تستفيد من التطور التقني في كل المجالات وتستطيع الوصول إلى المعلومة بطريقة أسهل، وصارت أكثر تمكناً من رصد تحركات الآخر، ولعلها من أجل هذا تشتري البرامج المتخصصة وتتابع كل تطور يحصل في هذا المجال. وهذا أيضاً من حقها ومن واجبها تجاه شعبها، فمن دون توفر المعلومة عن الآخر - أياً كان هذا الآخر – لا تستطيع أن تحمي نفسها وشعبها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها.

للمعلومة فإن إيران التي يعتبرها البعض مثالاً ونموذجاً للبراءة لا تستطيع البقاء لو لم تتمكن من الحصول على المعلومات عن «الآخر» الذي منه أيضاً أولئك الذين يطبلون لها.