بينما تعمل إدارة بايدن على سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، والتحول إلى دور استشاري في العراق، يبدو أن العملية العسكرية في سوريا لن تشهد أي تغيير في المستقبل المنظور، إذ يتوقع المسؤولون بقاء مئات الجنود في البلاد، كما جاء في تقرير لمجلة "بوليتيكو".

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي بارز طلب عدم الكشف عن هويته، أنه من المتوقع أن يبقى ما يقرب من 900 جندي أميركي في سوريا لمواصلة الدعم وتقديم الاستشارات لقوات سوريا الديمقراطية التي تقاتل تنظيم داعش، وهو الدور نفسه الذي لعبوه منذ التدخل الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2014.

وقال المسؤول إنه لا يتوقع توقع تغييرات في الوقت الحالي للمهمة أو نطاق العملية في سوريا.



وأضاف: "في سوريا ندعم قوات سوريا الديمقراطية في قتالها ضد داعش.. لقد كان ذلك ناجحاً للغاية، وهذا شيء سنستمر فيه".

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين، أن المهمة الأميركية في العراق ستتحول من الجانب القتالي إلى الاستشاري بحلول نهاية العام. وقد كان للقوات الأميركية هناك دور مماثل، أي مساعدة القوات المحلية في محاربة تنظيم داعش.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع إن القوات الأميركية "لم ترافق في الواقع القوات المحلية في دوريات قتالية سواء في العراق أو سوريا لأكثر من عام، إذ كان الهدف منذ عام 2014 هو بناء قدرات القوات المحلية في كلا البلدين لمحاربة داعش بشكل مستقل".

عين على روسيا وإيران

ونقل التقرير عن خبراء أنه في خضم تعدد المصالح الأجنبية في سوريا، فإن المهمة العسكرية الأميركية هناك "تتجاوز بكثير قتال داعش، إلى الرقابة على المصالح الروسية والإيرانية".

وقال الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ويل تودمان لـ"بوليتكيو"، إن وجود القوات الأميركية "يحول دون وصول الحكومة السورية المدعومة من روسيا إلى حقول النفط والموارد الزراعية في شمال شرقي سوريا، ويعمل على إعاقة هدف إيران المتمثل في إنشاء ممر جغرافي يربط بين طهران ولبنان والبحر الأبيض المتوسط".

وأضاف تودمان أن الحفاظ على القدرة على عرقلة الجهود الإيرانية لنقل الأسلحة إلى سوريا "هو جزء مهم من الوجود الأميركي هناك.. إيران تستفيد من عدم الاستقرار المستمر".

أزمات "غير ضرورية"

وقال الباحث بمركز "سنشري فاونديشن" في نيويورك، آرون لوند، إنه "لا توجد طريقة آمنة وغير مثيرة للجدل للمغادرة، ويبدو أن بايدن أوضح أنه لا يريد التعامل مع الأزمات غير الضرورية في سوريا، بينما لديه أمور أهم على جدول أعماله".

وأضاف أن هناك فرقاً مهماً بين العراق وسوريا "يتمثل في أن الشريك السوري المحلي، وهي قوات سوريا الديمقراطية، تريد بقاء الولايات المتحدة، كضامن ضد هجمات الروس. أما في العراق، فإن الوجود الأميركي يشكل مأزقاً سياسياً للكاظمي، الذي يواجه ضغوطاً من الفصائل المرتبطة بإيران في حكومته، لإجبار الأميركيين على المغادرة".

ومع ذلك يقول الخبراء إن أي تغيير كبير في الموقف العسكري الأميركي بالعراق، من المرجح أن يعقد الوضع في سوريا، لا سيما أن طريق الولايات المتحدة الأساسي للوصول إلى قواتها في شرق سوريا يمر عبر الحدود مع العراق.

ويوافق المسؤول الكبير السابق في البنتاغون لشؤون سياسة الشرق الأوسط، ميك مولروي، على أنه إذا تم سحب "أصول الدعم" الأميركية لسوريا التي تأتي من العراق، بما في ذلك إمدادات المعدات والأفراد، "فقد يؤثر ذلك في مهمة سوريا".

ورداً على سؤال بخصوص ما إذا كان تغيير الوجود الأميركي في العراق سيؤثر في وضع القوات في سوريا، رفض المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي التعليق على المناقشات.

وقال كيربي: "لا أعرف ما هي القرارات التي قد تخرج عن هذه المحادثات (مع العراق)، ويمكن أن تؤثر في نطاق العملية في سوريا.. لكن من الواضح أن القتال ضد داعش مستمر".

ورفض الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، في وقت سابق من هذا العام، تقديم إجابة مباشرة بشأن مستقبل العمليات العسكرية الأميركية في سوريا. لكنه أوضح أن وجود القوات الأميركية مثل "عنصر استقرار" في الدولة التي مزقتها الحرب.