علاقة طردية بين زيارات مسؤولي إيران السرية إلى العراق، وهجمات المليشيات على مصالح أمريكية بالبلاد، تكشف شيفرتها صواريخ الكاتيوشا.

تسبق الهجمات أو تلحق زيارة المسؤولين الإيرانيّين، لكنها لا تنفكّ عن التزامن مع زيارة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، أو رئيس المخابرات.



الحلقة الجديدة في سلسلة العبث الإيراني في أمن العراق هو استهداف محيط السفارة الأمريكية ببغداد بصاروخيْ كاتيوشا، بعد يومين من زيارة سرية وغير معلنة لقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، إلى بغداد.

الهجوم يتزامن أيضا مع عودة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من واشنطن بعد زيارة تمّ فيها الاتفاق على انتهاء "المهمة القتالية" للولايات المتحدة في العراق بحلول نهاية العام، وسط عدم رضًى بين المليشيات الموالية لإيران، عن أجل الانسحاب.

وقبل أسبوعين فقط كثفت المليشيات هجماتها على القوات الأمريكية، واستهدفت معسكر التاجي والمنطقة الخضراء ببغداد، بينما كان قاآني أيضا في زيارة "سرية" إلى العراق.

زيارات قاآني الأربع حتى الآن إلى بغداد منذ توليه قيادة فيلق القدس، خلفا للجنرال القتيل قاسم سليماني، واحتفاء المليشيات بها بإطلاق صواريخ لا تخلّف ضحايا، يقرأ فيها المحللون رسائل مزدوجة، يتجه شق منها إلى دعم المليشيات، والآخر إلى الضغط على حكومة الكاظمي للتأثير عليه في اتخاذ أي خطوة نحو مستقبل الجماعات المسلحة، ومصير القوات الأمريكية في البلاد.

وفي الأسبوع الأول من الشهر الجاري طالت استهدافات المليشيات مصالح واشنطن في العراق، وهاجمت 3 طائرات مسيرة تحمل مواد متفجرة، قاعدة تقع قرب السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد، وحينها كان رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري، حسين طائب، يزور العاصمة العراقية، ويلتقي قادة الفصائل الموالية لطهران.

كما تعرض رتل للتحالف الدولي إلى هجوم بالعبوات الناسفة جنوب العراق، تبعه استهداف بـ3 صواريخ لقاعدة عين الأسد التي تتواجد بها قوات أمريكية غرب البلاد، تزامنا مع زيارة طائب.

وتتشابه ظروف زيارة طائب، مع زيارة قآاني قبله في يونيو الماضي، حين استهدف قصف مطار بغداد بطائرة مسيرة سبقها آخر بهجوم صاروخي على قاعدة بلد الجوية شمالي العاصمة العراقية.

بيد أن اللافت هو أن جميع الهجمات المذكورة يجمعها قاسم مشترك، وهو أنها لا تخلف ضحايا، ولا خسائر مؤثرة؛ ما يوحي أن الميليشيات تبعث رسائل عبر أثير صدى إعلامي؛ لتسليط نوع من الضغط على الكاظمي قبل وبعد زيارته إلى واشنطن.

هذا بالإضافة إلى أن المليشيات تخشى ردا أمريكيا مدمرا في حال سقوط ضحايا، كما حصل حين قتل متقاعد أمريكي في ديسمبر/كانون أول 2019، في هجوم استهدف معسكرا بمدينة كركوك شمالي العراق.

فحينها ردت واشنطن بغارات استهدفت مواقع لفصائل موالية لإيران قرب الحدود السورية، أسفرت عن 20 قتيلا وخسائر فادحة، وهو ما تخشاه طهران، ومليشياتها بالعراق.

شيفرة الرسائل الإيرانية إذن أصبحت مكشوفة للجميع؛ استهداف مصالح أمريكية دون وقوع ضحايا، ودون ضرب الهدف بدقة، للضغط على الحكومة العراقية للتغاضي عن سلاح المليشيات المنفلت، وترك الحبل على الغارب للنفوذ السياسي لأذرعها في المشهد الحزبي، ثم المناوشة مع واشنطن لتأكيد طهران رفضها بقاء القوات الأجنبية في البلد المجاور.