ابتليت البشرية بجائحة كورونا التي لم يعاصر البالغون الخمسين والستين مثلها أثراً. وإن كانت البشرية لم تلتفت بعد لما سوف تخلفه من آثار اجتماعية ونتيجة نفسية وتربوية وأخلاقية على الأجيال القادمة أو الموجودة بالفعل والتي عاصرت هذا الحدث، وكثير منهم قد عاين بالفعل آثاره بين مصاب أو مخالط لمصاب أو مجاور لمتوفى، ومنهم من عايش الألم في نفسه أو فيمن يحب ويعايش. كل هذا ونحن نعيش الوباء ومازلنا ننتظر أو نتوقع بين آمل بانكشافه ومتشائم بمراحل أكثر خطورة، وبين هذا وذاك يكمن واقع لم يتنبه إليه الكثير وهو تلك القنبلة الموقوتة والكامنة في كل بيت وأعني بها طلاب المدارس الذين حرموا من حياتهم اليومية بالاستيقاظ المبكر والطابور الصباحي والحصص الدراسية المقننة والمؤقتة واستشراف عدد المعلمين ستة أو سبعة على الأقل يومياً بأفكار ورؤى وسمات مختلفة ومعهم المشرفون والمديرون والعاملون، والأهم في هذا الكادر جماعة الرفاق والأصدقاء الذين يمثلون وفق جل نظريات التربية الشق الأكبر في توجيه السلوك وصنع القناعات التربوية والمفاهيم الأخلاقية والسلوكية.

شاءت الأقدار أن يحال بين الطالب وبين كل هذا ولا أفرق بين صغير وكبير، ما كان له أكبر الأثر على تركيبة الطالب السيكولوجية والبيولوجية وبالطبع الاجتماعية.

وهناك أسئلة من واجب الوقت أن نجيب عليها والكل بهذا الأمر معني: ما هي التغيرات الحادثة في تركيبة الطالب النفسية والتشريحية والاجتماعية؟ وهل هذه المتغيرات سوف تؤثر على سلوك الطلاب وقدراتهم الاستيعابية؟ هل هناك نسبة من الطلاب قد استمرأت الإقامة المنزلية وتكيفت معها بحيث سيصبح من الصعوبة بمكان إلحاقهم بمدارسهم، ناهيك عن قدرتهم على التمدرس بكل متطلباته؟ هل تأثرت مهارات الطالب من قراءة وكتابة وحل مسائل وتحليل مشكلات سلباً؟ وكيف يمكن قياس هذا التأثر وما سبل العالج؟ هل وضع التنمر وأقرانه من السلوكات السلبية موضع الاعتبار في خطة الإشراف التربوي وعلاجه المبكر، ناهيك عما لحقته؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير تطرح نفسها على الجميع، معلمين وإداريين ومشرفين وأولياء أمور وصناع القرار ومنصات التواصل الاجتماعي، فهي دعوة مفتوحة لفتح الحوارات وعقد المؤتمرات والحوارات والجلسات، وتدوين أغلب ما يطرح من تداعيات وضع الحلول لها، وخاصة أنه لا يفصلنا عن بداية العام الدراسي سوى شهر تقريباً.