هدى عبدالحميد

أكد استشاري الطب النفسي عبدالكريم مصطفى، أن التنمر ظاهرة منتشرة في كثير من المدارس والمجتمعات وتتسبب في كثير من الأمراض والمشاكل النفسية أشهرها الاكتئاب، مشيراً إلى أن على الرغم من خطورتها إلا أنها لم تحظ بما تستحق من اهتمام على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع.

وأضاف لـ"الوطن"، أن التنمر هو أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل: التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمد عزله من المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته. وقال "لا تعتبر حالات الإثارة والمزاح بين الزملاء والأصدقاء تنمراً، إلا إذا كان المزاح ثقيلاً ومتكرراً، مع سوء النية واستمراره على الرغم من ظهور علامات الضيق والاعتراض لدى الطالب الذي يتعرض له، ولا يدخل ضمن دائرة التنمر المواجهات بين شخصين إلا في حالة عدم التوازن في الطاقة أو القوة "صراع قوتين غير متماثلتين"؛ أي في حالة وجود صعوبة الدفاع عن النفس، أما حينما ينشأ خلاف بين طالبين متساويين تقريبا من ناحية القوة الجسدية والطاقة النفسية، فإن ذلك لا يسمى تنمرًا.



وأوضح مصطفى، أن البحرين كغيرها من المجتمعات ينتشر فيها ظاهرة التنمر وفيها كثير من ضحايا التنمر ويزورون الأطباء النفسيين بعواقب التنمر مثل الاكتئاب وهو الأكثر انتشارا والوسواس ورفض الذهاب للمدرسة واضطراب السلوك والإدمان والقلق وغير ذلك من الأمراض والمشاكل النفسية.

وعن الأسباب التي تدفع الشخص للتنمر على آخر، أوضح أن الأسباب عديدة، منها ما يكون في الأسرة كتدليل الأطفال وعدم تعويدهم على مراعاة مشاعر الآخرين في البيت وأحيانا يكون المتنمر نفسه قد تعرض للتنمر في السابق فكأنه ينتقم في شخص ضحيته وأحيانا يكون التنمر بسبب عدم اهتمام المدرسة بخطورة التنمر والاكتشاف المبكر له ومواجهته وتحذير الطلاب وأولياء أمورهم منه وإظهار الصرامة في التعامل معه وطمأنة الضحية بأن هناك من سيقف بجواره وأنه ليس وحده في المدرسة وأخذ الشكوى منه سواء كانت من الضحية أم ولي أمره على محمل الجد.

وأشار إلى أن الأسرة والبيئة هي السبب الرئيس للتنمر، حيث إذا تجاهلت الأسرة والمدرسة وغيرها من البيئة المحيطة بالأطفال ظاهرة التنمر وتعاملت معها بالإنكار صارت البيئة حاضنة خصبة لهذه الظاهرة التي تنتشر وتنشر الأمراض النفسية مثل الطاعون.

ولفت مصطفى إلى أن التنمر ينتشر أكثر لدى الأطفال والمراهقين وخاصة في طلاب المدارس ولكن إهمال التعامل معه قد يكبر مع الشخص ويشكل جوانب من شخصيته وعلاقاته بالآخرين ويظهر في مراحل عمرية أخرى بصور مغايرة ولكنها قد تكون ناشئة عن تعزيز سلوك التنمر لدى الشخص أثناء الطفولة أو المراهقة.

وبين أن علاج التنمر يشمل علاج السلوك نفسه وفي نفس الوقت علاج آثاره على الضحية ولعلاج السلوك نفسه بإيقافه والسيطرة عليه بالتعاون الجاد والمسؤول بين أولياء الأمور والمدرسة وإرسال رسالة للجاني والمجني عليه أن المجتمع لن يتحمل هذا السلوك ولن يقبله وسيقف له بالمرصاد.

ودعا المدارس إلى أن تعي خطورة هذا السلوك على الصحة النفسية للتلاميذ وعلى بيئة المدرسة التي لا يشعر فيها الطلاب بالأمان مما يفرغ العملية التعليمية من محتواها وقد تتجنب إدارات المدارس معالجة هذه الظاهرة خوفا من نفوذ أولياء أمور الطلاب المتنمرين وهنا يأتي دور المجتمع في تدعيم إدارات المدارس وإطلاق يدهم في مواجهة هذه الظاهرة المدمرة.

وأكد أنه يجب عرض الضحية على طبيب نفسي لتقييم الحالة وتشخيص ما ترتب عليها وقد يلزم الأمر تدخل اختصاصي نفسي واجتماعي وبناء على التشخيص يتم وضع خطة العلاج لضحية التنمر، من أجل علاج الآثار المترتبة على التنمر.