كتبت: نور قاسم


سافرت فاطمة المحمود رحلة إغاثية إلى جيبوتي مع الفريق التطوعي الشبابي "سناد" في تاريخ 9 أبريل 2015، في رحلة دامت مدتها إسبوع واحد، والغرض من الزيارة هو إعالة جيبوتي عبر تقديم مشاريع إنسانية يتكفل بها الفريق مادياً وإعلامياً.


بداية الرحلة
قامت فاطمة بقيادة الفريق بأخذ إحتياجاتهم لهذه الرحلة من أموال وتبرعات ومأوى للمحتاجين، قاموا بزيارة منطقة "شيبلي" كانت أول الوجهات؛ وذلك لتوزيع الإغاثات على 150 عائلة وكانت هذه العائلات في حال يرثى لها كما وصفتهم فاطمة، و’منع من دخول الفريق للقرية لأسباب أمنية وعسكرية وهذا مادفع العائلات للمشي إليهم لمسافة تبلغ 7 كيلومتر.
كانو مختلفين الأعمار مابين أطفال وكهلى، وبعض العائلات لم يستطيعوا المجيئ مما دفع ذويهم لإرسال أبنائهم إلى الفريق، دفعتهم الحاجة إلى حمل المعونة على ظهورهم لمسافات طويلة، ولكن فرحتهم التي لاتقدر بثمن جعلتهم ينسون عناء المشقة، لأن حاجتهم أكبر من أن يتذمروا، فالمعونة كانت تكفي لشهر كامل.
الأطفال .. حكاية أخرى
من المواقف التي لن تنساها فاطمة هو عندما كانت تعطيهم قطع السكاكر والحلويات، لم يكن الأطفال يعرفوا ماذا يفعلوا بها، وعندها قامت بتعليمهم كيف يأكلونها ويستمتعو بطفولتهم التي أدهرها الفقر والقهر،قالت بأنهم كانوا يخافون منا، فنحن نظل غرباء من ناحية اللهجة والشكل والملابس.




في اليوم الثاني قام الفريق بزيارة مجمع الرحمة التابع لجمعية الرحمة الكويتية، الذي يضم أكبر مستشفى في جيبوتي، ومدرسة للأيتام تسع 750 طالب وتوفر لهم كافة الإحتياجات من مسكن ومأكل وملبس وأمان.
وفي نفس اليوم قاموا بزيارة دار الرعاية لللقطاء, الدار المليئ بالقصص المحزنة لأطفال لم يتجاوزا السادسة، من أكثر القصص التي تقشعر لها الأبدان قالت فاطمة " رأينا طفل توجد على رقبته خدشة طويلة، فعندما تسائلنا عن سبب هذا الجرح أجابونا بأن والدته حاولت نحره لأنها أنجبته بطريقة غير شرعية."

أسوء قرى جيبوتي ..
في اليوم الثالث زاروا قرية "مؤمنة" التي وصفتها بأنها أسوء قرية في جيبوتي، كانو سكانها يعيشون من بيوت صنعت من أقمشة ملابس.
• إحدى منازل منطقة مؤمنة

كيف لهم أن يتحملوا حرارة الجو التي تصل الى 50 درجة، يمشون حافيي الأقدام لم تستر أجسادهم سوى ثياب ممزقة، يأكلون الذبيحة البائتة لمدة 3 أيام متواصلة، فعند رؤيتهم يشعر الشخص بأنه يرى فيلم عن العصر الحجري.
تدخلت جمعية الرحمة لإغاثتهم عن طريق إقامة قرية تضم فيها منازل تأويهم، وبناء مدرسة ومستوصف صغير ومسجد بالقرب من قريتهم الأم.
وعندما كنا في زيارة لأحد المنازل في القرية صادفنا إمرأة قالو لنا بأنها ولدت نفسها بنفسها على التراب بلا سكن وبلا طمأنينة.



• فاطمة مع إحدى الطلاب المجتهدين في مدرسة علي صباح

طموح لايكسره فقر ..
زاروا مدرسة ( علي صباح) في قرية دخل، التي تضم في رواقها طلاب في غاية الذكاء والإحترام، يملئهم الشغف في التعلم وإكتساب الثقافة والطموح التي حرمهم منها المجتمع الذي يعيشون فيه، يقوم المدرسون بتعليمهم اللغة العربية بالإظافة إلى اللغة الأجنبية، ونظراً لأن هذه الدولة مستعمرة فرنسياً فنرى لغتهم الفرنسية هي اللغة الأم.
و في زيارة الى مستشفى الرحمة، وبالذات عندما كانوا يزورون أحد الأقسام، قال لهم أحد الأطباء "سوف نزور طفلة مصابة بمرض السرطان في الفك، ونحن أول الفرق الذين سيقومون بزيارتها لذا عليكم الدخول على الطفلة وتصويرها حتى يتم التسويق لها إعلامياً والتبرع لمعالجتها في الخارج."
نظرات تملؤها الدهشة والخوف بين أعضاء الفريق، فرفضت فاطمة الدخول لأنها لاتحمل الجرأة لذلك.
قالت فاطمة "دخلت الغرفة أحد العضوات حاملة كاميراتي ، فأنتظرتهم لمدة طويلة و قررت الدخول وإذا أرى الطفلة أمام عيني يعالجوها الأطباء من كل جهة وهي تنزف وكانت محرجة منا لدرجة أنها كانت تضع يدها الصغيرة على مكان الجرح حتى لانشمأز من الوضع."
فكيف لها ولغيرها من الأطفال أن يتحملوا معاناة الألم الذي يبلغها عمراً بعشرات السنين؟ وكيف لها أن تتحمل إحراج القدر الذي رماها في المستشفى في الوقت الذي يتمتع فيه من هم في عمرها باللعب وأكل الحلويات؟ وكيف لها أن تتحمل مرارة الإنتظار؟ تنتظر الموت أم تنتظر رحمة القلوب؟