اعتقد السويسري جوزف بلاتر بأن انتخابه لولاية خامسة على رأس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سيكون مسألة روتينية كما جرت العادة خلال الانتخابات الاربع السابقة رغم وجود الامير علي بن الحسين في وجهه، لكنه استيقظ صباح الاربعاء على زلزال قضائي تسبب بارتفاع الاصوات المطالبة برحيله.
وفي ما يتحضر بلاتر لافتتاح الجمعية العمومية من اجل انتخاب رئيس للسلطة الكروية العليا غدا الجمعة في زيوريخ، جاء موقف الشركات الراعية لفيفا من اجل زيادة الضغط على السويسري ومن يدور في فلكه.
فشركات مثل كوكا كولا واديداس وماكدونالد وفيزا دفعت ملايين الدولارات من اجل رعاية فيفا وبطولاته ولا تريد ان "تلوث" سمعتها من خلال ارتباط اسمها بمنظمة يشوبها الفساد، ولذلك طالبت فيفا بان "ينظف" نفسه.
وقالت شركة فيزا انها ستعيد تقييم ارتباطها بالاتحاد الدولي الا في حال قام الاخير باعادة بناء نفسه ضمن ثقافة تعاونية، وان "تكون الممارسات الاخلاقية القوية" في قلب كل ما يقوم به. ورغم الزلزال الذي هز السلطة الكروية العليا والتوقيفات السبعة التي قامت بها السلطات السويسرية بطلب من القضاء الاميركي الذي وجه بدوره تهمة التآمر والفساد الى تسعة مسؤولين منتخبين في الاتحاد الدولي وخمسة مسؤولين كبار بسبب مخالفات ارتكبها المتهمون على مدى الاعوام الـ24 الاخيرة، اكد فيفا بان الكونغرس والانتخابات الرئاسية سيقامان في الموعد المحدد.
ويأتي تشبث الاتحاد الدولي رغم مطالبة العديد من الشخصيات والمنظمات الفاعلة في كرة القدم العالمية بتأجيل الانتخابات وعلى رأسها الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، ورغم الانتقادات اللاذعة لبلاتر في وسائل الاعلام العالمية ورغم ما صدر عن النائبة العامة الاميركية لوريتا لينش التي قالت في مؤتمر صحافي حاشد في نيويورك ان مسؤولي الاتحاد الدولي "افسدوا" اللعبة.
واعتبرت لينش ان مسؤولي "فيفا" حصلوا على رشاوى في التصويت لمنح كأس العالم لجنوب افريقيا عام 2010، وهو ما اعتبره الاتحاد المحلي مجرد مزاعم، وتحدثت عن النسخة المئوية من "كوبا اميركا" 2016 والمقررة في الولايات المتحدة بحصول رشاوى فيها تقدر بنحو 110 ملايين دولار.
وبطبيعة الحال، كان الانكليز من المطالبين برحيل بلاتر بعد ان خسرت بلادهم حقق استضافة مونديال 2018 لمصلحة روسيا، وقال رئيس الاتحاد الانكليزي لكرة القدم غريغ دايك: "سيب بلاتر يجب أن يرحل... لا توجد هناك اي طريقة لاعادة بناء الثقة بفيفا في حال بقي بلاتر في مكانه... فيجب عليه اما ان يستقيل، او يخسر في التصويت (في انتخابات الجمعة ضد الامير علي) او يجب ان نجد طريقه ثالثة".
ومن جهته طالب الاتحاد الاوروبي لكرة القدم بعد اجتماع مكتبه التنفيذي في وارسو بتأجيل انتخابات رئاسة الفيفا 6 أشهر، وقال امينه العام جياني انفانتينو "ان الاتحاد الاوروبي يعتبر ان كونغرس الفيفا يجب ان يؤجل وان انتخابات الرئاسة يجب ان تحصل خلال ستة اشهر".
وواصل "هذه الاحداث تظهر مجددا بان جذور الفساد عميقة في ثقافة فيفا"، محذرا بان اعضاء الاتحاد القاري قد يقاطعون الكونغرس الذي قد يتحول الى "مهزلة".
اما نجم البرازيل السابق روماريو الذي اصبح لاحقا سيناتور، فأمل ان تتسبب الهزة التي حصلت الاربعاء بخسارة بلاتر، مطالبا بـ"قائد جدير" لادارة اللعبة، مضيفا "امل ان يتسبب ذلك بتغيير شيء ما، وهناك امل، على اقله بالنسبة لي شخصيا، بان يتم ايقاف بلاتر".
لكن فيفا وعلى لسان مسؤوله الاعلامي والتر دي غريغوريو اكد الاربعاء في مؤتمر صحافي بان بلاتر والامين العام جيروم فالكه ليسا متورطين في قضية الفساد، لكن قد يكون ذلك "حتى اشعار اخر" لان كيلي كوري، المدعي العام الفدرالي في بروكلين بالوكالة، قال بان الاتهامات الـ14 "هي بداية جهودنا وليس نهايتها".
اما النائبة العامة الاميركية لوريتا لينش فتحدثت عن ان الرشاوى امتدت الى حملة انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي 2011 والى "اتفاقات حول رعاية المنتخب البرازيلي لكرة القدم من شركة ملابس اميركية كبرى".
واشارت السلطات الاميركية الى ان ستة اشخاص اخرين اقروا بالذنب في هذا الملف بين تموز/يوليو 2013 وايار/مايو 2015 بينهم الاميركي تشاك بليرز امين عام اتحاد كونكاكاف السابق وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي سابقا بالاضافة الى نجلي جاك وارنر رئيس اتحاد كونكاكاف سابقا.
واوضح تشارلز ويبر المسؤول عن الضرائب في الولايات المتحدة ان بليزر لم يصرح في 19 عاما عن 11 مليون دولار اميركي مضيفا "هذه كأس العالم للاحتيال. لقد رفعنا اليوم البطاقة الحمراء".
اما بالنسبة لمنافس بلاتر في انتخابات الجمعة الامير علي بن الحسين فاعتبر بان الازمة لا يمكن ان تستمر بهذا الشكل في الفيفا، مشيرا الى ان الاخير في حاجة الى قيادة تتقبل تحمل المسؤولية لافعال المؤسسة وعدم القاء اللوم على الاخرين.
وقال الامير علي في بيان رسمي: "لا يمكن لازمة الفيفا ان تستمر بهذا الشكل، انها ازمة مستمرة منذ فترة ولا تتعلق فقط باحداث اليوم".
واضاف "يحتاج الفيفا الى قيادة تحكم، تعتني وتحمي اتحاداتنا الوطنية. قيادة تتقبل تحمل المسؤولية لافعال مؤسستها ولا تحمل المسؤولية الى الاخرين. قيادة تعيد الثقة الى مئات الالاف من انصار اللعبة حول العالم".
اما بلاتر نفه، فأقر بان الفيفا يعيش "وقتا صعبا" وتعهد بطرد المسؤولين المذنبين من اللعبة.
وفي اول رد فعل له، قال بلاتر الاربعاء في بيان: "هذا وقت صعب لكرة القدم، المشجعين والاتحاد الدولي كمنظمة. نتفهم خيبة الامل التي عبر عنها كثيرون واعرف ان احداث اليوم ستؤثر على نظرة الناس الينا".
وتابع: "دعوني اكون واضحا، سلوك مماثل لا مكان له في عالم كرة القدم وسنعمل على ضمان وضع الضالعين بهذا الامر خارج اللعبة".
ورغم الزلزال الكبير التي حصل الاربعاء وستتواصل تداعياته لاشهر وربما اعوام مقبلة، جدد الاتحاد الاسيوي دعمه لبلاتر ورفض اي تحرك لتأجيل الانتخابات.
وجاء في بيان للاتحاد الاسيوي: "ان الاتحاد الاسيوي يعرب عن خيبة امله وحزنه لاحداث اليوم (امس) في زيوريخ، لكنه يرفض اي تأجيل لانتخابات رئاسة الفيفا".
ولم يمر ورود اسم مونديال روسيا 2018 في الشبهات مرور الكرام عند الروس الذين دعوا بدورهم الولايات المتحدة الاميركية الى وقف محاولاتها لفرض العدالة خارج حدودها.
واصدرت وزارة الشؤون الخارجية في روسيا بيانا جاء فيه "ندعو واشنطن باصرار لوقف محاولاتها بفرض العدالة بعيدا عن حدودها وفقا لمعاييرها القانونية، وباتباع الاجراءات القانونية الدولية المقبولة بشكل عام".